عثمان بن حمد أباالخيل
الكذب والصدق كلمتان متناقضتان لا يمكنهما أن تلتقيان، الكذب والصدق كلمتان متضادتان وما أكثر الأضداد في حياتنا كالليل والنهار والخير والشر. للأسف أقولها وبحرقة الكذب أصبح واقعاً ملموساً في حياة الناس وفي تفاصيل حياتهم. الكذب له هيمن على الكثير من مناشط الحياة لنْ أخوض فيها ولكنني سوف أركز على كذب وصدق الإنسان مع نفسه ومع الآخرين. الكذب القول المخالف لحقيقة الأمر والواقع، الكذب يكون إما بتزييف الحقائق جزئيًا أو كليًا أو اختلاق روايات وأحداث جديدة، بنية وقصد الخداع. حقاً الكذب أزاح الصدق من دواخل الكثير، والكثير من الناس الذين يحمون أنفسهم أو يزيفون الحقائق أو يطعنون الآخرين أو يلمعون صورهم أو يبثون سمومهم بالكذب. أن تكذب على الآخرين فهو أمر لابد أن يتم اكتشافه يوماً ما ولكن أن تكذب على نفسك فتلك مصيبة يصدقها الكثيرون. (للصدق رائحة لا تشم بالأنوف، ولكن تحس بالقلوب) الشيخ علي الطنطاوي الله يرحمه.
هل أنت مع الصادقين أم مع الكاذبين، الجميع سيقولون نحن مع الصادقين فكيف ذلك وهم يكذبون ويصدقون إنهم لا يكذبون. شخصيًا ليس هناك من لم يكذب عدا الأم فهي لا تكذب مع أبنائها وبناتها وربما عدا ذلك فهناك بعض الكذب. (كُل أنا لستُ جائعة، خذ النقود فلست بحاجة إليه، خذ الغطاء فأنا لا أحسّ بالبر، لا تبكي فأنا لست مريضة، اللهُم اجعل أمّي وأمهاتكم من سيدات الجنّة) الدكتور غازي القصيبي رحمه الله. الزوجة تحب أن تصدق كذب زوجها حين يُسمعها أجمل الكلام وينشد لها قصائد غزل، الموظف يكذب على مديره حين يخبره أنه أنجز العمل الذي قدمه له بمفرده مع أنه استعان بالآخيرين، الطالب يغش في الامتحان وينكر أنه غش مع أنه غش، الابن يكذب على أمه حين تسأله أين أنت فيخبرها في مكان ليس متواجدًا فيه، هذه نماذج لصور الكذب بين الناس فهناك الألف من صور الكذب تحدث بين الناس. النساء أكثر كذبًا من الرجال في الحياة اليومية على الرغم مما يتمتع به الرجال من مميزات في العالم العربي، لكنهم الأكثر كذبًا بشكل يومي بحسب دراسة أجرتها صحيفة الديلي ميل البريطانية. الكذب بات على الدوام يملأ واقعنا والكذابون يتكاثرون في كل شأن ومجال وميدان، بات له خبراء ومختصون. ليست هناك أي مبررات للكذب تحديدًا إذا كان مُضرًا بالآخرين على المدى القريب أو البعيد، وهناك من يقول هذا كذب أبيض وهل أصبح للكذب ألوان، وهناك من يحلف أنه لم يكذب. (إذا كنت صادقًا فلماذا تحلف) وليم شكسبير.
ما يحز في النفس أن هناك من يعود أبناءه وبناته الصغار على الكذب حين يكذب عليهم ويسمعهم كلامًا كذبًا وحين يرددون ما سمعوا يغضبون ألستم من كذب. الكذب أصبح منتشرًا في المجتمع في البيت والشارع والمدرسة والجامعة وفي كل مكان يتواجد فيه الإنسان وهو يعدي، وما أكثر الذين أصيبوا بالعدوي. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرًا وينمي خيرًا)، وقالت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها: «لم أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها».