سقاني الهوى مِنْ منْهليه أياديا
وأروى الخليّ المستهلّ فُؤاديا
تماهى سَواتَ الطيف هيئةَ توأمِ
يؤلّفُ أطْيافَ الغَرامِ أُحاديا
وعانقتُ لما قدْ حظيتُ بمُهجة
تهيمُ ودادَاً لا يريبُك ثَانيا
أسامرُ رِسّا لا يخِفّ رسيسُه
وأنسُجُ حسَّاً يسْتسفُّ ثيابيا
فلمَا تَجلّى حدَّ كلّ طويةٍ
تهيَّضُ منْ ما يستشفُّ خياليا
خواطرُ تصْبو تستثيرُ هواجساً
سَجيّةَ موجٍ طامياً متراميا
إذا القلبُ مفتونٌ بنبضةِ خافقٍ
تميلُ به النبضاتُ همْساً مُناجيا
وما عدتُ والأيامُ مثل سواتِها
وقدْ كُنْتُ والأيامُ تصْفو خواليا
يُخَضبُ حبرُ النصِّ وَهْجَ مشاعري
يوثقُ حُبّاً للمحرّقِ جَاريا
فإنْ كانتِ البَحْرين دَارِي وموْئلي
فأوّلُ مربىً في المُحَرقِ غاليا
بأُم المدائنِ أنْجبتني مُحرّقٌ
تشرفّتُ مَهْداً لمْ أزلْ به زاهيا
فرائدُ عهدٍ لمْ يزلْ بفصولهِ
ألِفَ الزّمانُ وصوفَ عهدٍ نائيا
أوائلُ ريٍّ والسواقي مشاربٌ
يُوطّن جَذْراً قد تشرّبَ راويا
وما المرْءُ إلا مَنْ تملّكَ أمرهُ
تملّك طاقاتٍ تهِلُّ طواعيا
وقفْتُ أمدُّ الطرفَ أنظرُ طارفاً
وعهْداً تليداً راسخاً مُتساميا
وجَالتْ بيَ الأفكارُ تنشُدُ مَرْبعاً
سقاه السحابُ الغرُّ ممسىً وغاديا
وما فات ذكرٌ قد عهْدتُ ومشهدٌ
وأيُ مقامٍ أقتنيه أَماميا
وعاصرتُ عهْداً قد توارثَ مجْدهُ
حميّة قومٍ واجتماعاً تآخيا
ألفتُ به داراً وأهلاً ومعشراً
ألفْت بهِ الإنسانَ يسمو معانيا
رأيتُ كأنّ الناس بيتاً وأسرةً
رأيْتُ وثاقَ الوصْل يُعلي الأياديا
تراهمْ إذا ما الضيفُ حلَّ بدارهمْ
تباشرَ وجهٌ قد تهلَّلَ راضيا
وما الحيّ داجٍ بالليالي وأهلهِ
محياهمُ فوقَ البسيطةِ سانيا
تُحاذرُ أقْدامي تدوسُ خطاهمُ
وأخطو طريقي أستحثّ خطاويا
أناسٌ لهمْ في كلّ عصْرٍ مأثرٌ
وفزعةُ عونٍ واكتساباً معاليا
فلولا المحرّقُ والزِبارةُ لم يَكنْ
شواطئُ تبنى في الخليجِ موانيا
فقد حرّرَ الهيرات أَحمدَ سيفه
لآلئ بحرِ ذادَ عنْها الغازيا
فصارتْ له الهيراتُ قبضةَ حكمِهِ
وفازتْ به الأوطان تبني المبانيا
وحوّلَ سيْر الهندِ جنْبَ ضِفافِهِ
شراعٌ به الداناتُ تغْني الأهاليا
فما عادَ ممنوعٌ عليهم لآلئٌ
وما عادتِ الشطآنُ جُرْداً خواليا
فشدتْ له الركبانُ تبني ضفافه
وشادت به العربان حضراً وباديا
وغاصَ بها الغواصُ في ظلِّ مأمنٍ
حمتْهُ سفينُ الحربِ تردَعُ عاديا
ثلاثٌ من الأسْطولِ في كلّ موسمٍ
تواظِبُ في الهيراتِ حرزاً وحاميا
أبا ماهرٍ حصنُ القيادة جنْدهُ
يبيتُ بهِ الأسطولُ يرسي الصواريا
سلامٌ على البحرين في كلِّ موسمٍ
تهلّ به الأمْجادُ قِدْماً وآتيا
مضيتُ أُصيغُ النظْم في كلِّ مطلعٍ
متانةَ نصٍ كيفَ شئتُ قوافيا
وأنشْدُ مدلولاً شواهدَ شاعرٍ
وأنشرُ موروثاً زهْتهُ معانيا
** **
- شعر: معالي الشيخ راشد بن عبدالله بن حمد بن عيسى آل خليفة