د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تعتبر أرامكو أحد أهم الأقطاب الاقتصادية العملاقة العالمية المشاركة في تحريك عجلة رؤية المملكة 2030 بهدف تنويع اقتصاد السعودية من أجل تسريع التحول من الاعتماد على اقتصاد آحادي ريعي غير مستدام إلى اقتصاد إنتاجي متنوع مستدام يستثمر إمكانيات وقدرات وموقع السعودية اللوجستي المتوسط الكائن في قلب العالم القديم الذي يربط الشرق بالغرب.
فأرامكو ليست فقط قطباً اقتصادياً عملاقاً عالمياً، بل كذلك تمتلك قدرات وخبرات متراكمة مستفيدة من انتشارها العالمي، وهي تدرك أيضاً أن قيادة هذا التنويع بحاجة إلى تسهيل ابتكار الأفكار، وتحويلها إلى شركات ناشئة، كي تخدم تنوع الاقتصاد السعودي، بعيداً عن الاقتصاد التقليدي أو القطاع الخاص الذي كان يعتمد اعتماداً كلياً على الدولة، وعلى معوناتها المعتمدة نفسها الدولة على إيرادات النفط، التي كثير منها غير قادر على الاستمرار في المرحلة الانتقالية، فإذا لم تكن الغرف التجارية قادرة على إعادة هيكلة هذه المنشآت التقليدية فإنها غير قادرة على الاستمرار ضمن هذا التحول.
لكن ابتكار الأفكار قادر على مواكبة النمو والتنمية بعيداً عن الاعتماد على الدولة، ما جعل أرامكو تتجه نحو تأسيس مركز الابتكارات المتقدمة الذي أسمته بالمختبر 7 تيمناً ببئر الدمام 7، وجعلت مقره يقع بجوار هذا البئر باعتباره موقعاً تاريخياً يذكر بالبدايات التي ساهمت في بناء الدلوة السعودية الحديثة، ويستمد قوته الإلهامية من هذا الموقع، فبئر الخير كان أول بئر يكتشف فيها النفط بكميات تجارية، من أجل انطلاقة أخرى جديدة تنقل السعودية من الدخل الآحادي إلى الدخل المتنوع، ويكون منصة لرواد التقنية بمعايير القرن الـ21 ليسهل عملية ابتكار الأفكار وتطوير منتجات ذات جدوى استثمارية، وتحويلها إلى شركات ناشئة تخدم مختلف الأنحاء والقطاعات الاقتصادية بالسعودية، وتستثمر المنتجات البتروكيماوية التي تنتجها سابك، والتي استحوذت شركة أرامكو على 70 في المائة منها، بدلاً من استمرار تصديرها إلى الخارج، وهي صناعات أساسية استثمرت الميزة النسبية في رخص مدخلات تلك الصناعة وهي الطاقة الرخيصة، فالأولى أن يستفيد منها القطاع الخاص المحلي، وستكون تلك الشركات الناشئة شركات تمتلك ميزات تنافسية عالية.
لذلك تقود أرامكو انطلاق مرحلة مستقبلية في مسيرة التقدم والازدهار القائمة على الأفكار لتحويل اقتصاد السعودية إلى اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار والتقنية الرقمية، ليكون اقتصاد السعودية قادراً على النمو والمنافسة والاستدامة وتوليد شركات ناشئة جديدة لتوسيع القاعدة الإنتاجية، القادر على توفير فرص وظيفية هائلة بدلاً من التركيز على السعودة والإحلال التي سادت في الفترة الماضية برواتب متدنية، حيث بلغ عدد العاملين بالقطاع الخاص 8.52 مليون عامل بنهاية 2021 شكلت نسبة الأجانب 77 في المائة، وشكل القطاع الخاص في نفس العام مساهمة بنحو 39.9 في المائة، حيث تستهدف رؤية المملكة 2030 رفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي إلى 65 في المائة.
تقود أرامكو هذا الحراك التنموي وإتاحة الفرص التي لديها وعرضها أمام المخترعين والمطورين ورواد الأعمال من داخل الشركة ومن خارجها ومن داخل السعودية ومن خارجها التي أيضاً تساهم في حلول مبتكرة لمشكلات واقعية وللتحديات الماثلة أمام كثير من الشركات، وهي حلول في نفس الوقت لإعادة هيكلة كثير من الشركات للتحول من شركات متعثرة إلى شركات ناجحة، بعد ترجمة الأفكار إلى منتجات، من أجل جعل السعودية وجهة عالمية لتطوير الشركات الناشئة القائمة على التقنية لتوسيع القاعدة الصناعية في السعودية بصبغة عالمية لتكون الشركات منافسة وقادرة على الاستدامة والنمو.
يعتبر مختبر 7 الابتكاري منجزاً ريادياً على أرض السعودية لاستثمار الطاقات الشبابية السعودية وغير السعودية، والاستفادة من خدماته المميزة وتسهيلاته التي يقدمها للشباب من الفرص والإمكانيات المعرفية والابتكارية، باعتباره منشأة تحفز توليد الأفكار الجديدة وتصقلها، وتطوير التقنية في مراحل تصاميمها المبدئية التي تدعم البيئة الابتكارية في السعودية، وهي مدعومة بشبكة من الخبراء الخارجيين والشراكات مع مؤسسات عالمية للمساعدة على تطوير الابتكارات.
تقود شركة أرامكو هذا الحراك التنموي لدعم القطاع الخاص، وهي نفسها تسعى إلى دعم الابتكارات بين موظفيها والشركات التي تتعامل معها، وتفخر بانها الأولى بين شركات الطاقة العالمية من حيث عدد براءات الاختراع، وأن مستقبل الشركة وقطاع الطاقة العالمية يعتمد بشكل أساسي على زيادة القدرة على الابتكار، ولا سيما في مجال الاستدامة، حيث بلغت أرباح أرامكو 11 ضعف أكبر 5 شركات طاقة في العالم مجتمعة، وأصبحت في الصدارة العالمية لقيمة أرامكو السوقية أعلى ب 103.5 مليار دولار من شركة آبل، حيث بلغت قيمة شركة أرامكو 2.485 تريليون دولار بعدما أغلق سهمها عند 42.35 ريالاً في 2022/5/15.