صبار عابر العنزي
الروح خلق من أعظم مخلوقات الله ومن عظمة هذا التشريف أن الله أختص بالعلم الكامل بالروح فلا يمكن لأي مخلوق كائن من كان ونسبها لذاته العلية في كتابه القرآن الكريم {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}...
الروح هي كيان خارق للطبيعة، غالبًا ما يكون ذا طبيعة غير ملموسة على غرار كيانات مماثلة أخرى كالأشباح والجان والملائكة، ويحمل المصطلح طابعاً دينياً وفلسفياً وثقافياً يختلف تعريفه وتحديد ماهيته ما بين الأديان والفلسفات والثقافات المختلفة، ولكن هناك رأي سائد عبر كثير من الأديان والاعتقادات والثقافات البشرية على أن الإيمان بوجودها يجسد مفهوم المادة الأثيرية الأصلية الخاصة بالكائنات الحية, واستناداً إلى بعض الديانات والفلسفات، فإن الروح مخلوقةً من جنسٍ لا نظير له في الوجود مع الاعتقاد بكونها الأساس للإدراك والوعي والشعور عند الإنسان...
ويختلف مصطلح الروح عن النفس حسب الاعتقادات الدينية (يُقصد الإسلام) فالبعض يرى النفس هي الروح والجسد مجتمعان ويرى البعض الآخر إن النفس قد تكون أو لا تكون خالدة ولكن الروح خالدة حتى بعد موت الجسد...
خلق الله الإنسان وبثّ فيه من رّوحه، فجعله في أحسن صورةٍ وتقويمٍ، وفضّله على كثيرٍ من خلقه وكرّمه تكريما، فالرّوح سرّ الله في خلقه لا يعلمها إلّا هو سبحانه، فعندما جاء اليهود يسألون رسول الله أسئلةً كان من ضمنها سؤالهم عن الرّوح فنزل الوحي بأنّ الرّوح من أمر الله وما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً...
وفي محاولة لمعرفة ولو القليل عن الروح البشرية طور علماء صينيون أقوى جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي في العالم على الإطلاق ومن المقرر أن تبحث المعدات التي تبلغ تكلفتها 100 مليون جنيه استرليني، في أعماق الدماغ البشري لمعرفة المزيد عن هيكله المعقد وصُمم الجهاز لتوفير دقة ألف مرة أكبر من ماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي الموجودة، التي يمكن أن تصور أجسامًا يبلغ طولها 1 ملم، ولكن البروفيسور، هي رونغكياو، من الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، شكك في المشروع قائلا: «لا يوجد حتى تعريف علمي له, وإذا لم نتمكن من تعريفه، كيف تعرف أن ما تراه هو الشيء نفسه الذي تبحث عنه؟»...
وقدم الفلاسفة على مدى العصور القديمة أو الحديثة الترابط الوثيق بين الجسد والنفس فالنفس مرتبطة أكثر بالجسد ووظائف أعضاء الجسم والوجود، أما عن الروح فإنها مستقلة بذاتها ومنعزلة في وجودها عن الجسد، ترتبط الروح بالحياة...
عندما تحمل المرأة مولوداً في بطنها تُنفخ الرّوح فيه بعد أربعة أشهرٍ باتفاق علماء الأمّة، فهي روحٌ من عند الله قد أودعها الله هذا المكان المظلم في بطن المرأة فرعاها وتعاهدها بالحفظ والرّحمة، في جميع مراحل الإنسان منذ ولادته...
فكما أن الموت حق فإن وجود ملك الموت الذي يقبض الروح حق، ولأن كل ما يتعلق بالروح وخروجها من الجسد يظل من الأسرار والخفايا، فالغموض لا يزال يطرح استفهامًا هل يتألم الإنسان عند خروج الروح باعتباره من الأمور الغيبية التي نعيشها كل يوم بفقدان عزيز وفراق شخص غالٍ، وهناك علامات حضور ملك الموت وخروجها من الجسد تحدث عند الاحتضار ومن علامات خروج الروح من الجسد وهي شخوص البصر، انحراف الأنف عن الجهة اليمنى، أو الجهة اليسرى، ارتخاء الأعضاء بشكل عام، وارتخاء عضلات الفك السفلي بشكل خاص, ويكون القلب في حالة سكون، أي تتوقّف ضرباته, ويميل الجسد إلى البرودة، والتفاف الساق الأيمن على الساق الأيسر، أو العكس...
بعض ما قرأت عن الروح وعلمها عند الله، الذي اسأله أن يحسن خاتمتي ويهون علينا سكرة الموت ووطأته...