قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا».
ويوافق مقالنا الشطر الثاني من الحديث حيث ورد في رواية أخرى حق كبيرنا، الكبير له حق بالتوقير والاحترام والإجلال والتقديم على غيره من الناس؛ لشيبته في الإسلام، وتقدم سنه، وضعفه ولأي ظرف كان...، فإذا كان الإنسان لا يراعي للكبير حقه فإن ذلك يدل على تربية ضعيفة هشة لا ترقى لمعالي القيم وسمو الأخلاق...
وفي مجتمعنا الخليجي نجد هذا الطيف الاجتماعي الجميل في لحمة الدم والدين والجغرافيا... يضفي مزيداً من الاحترام والتوقير لتراتبية التسلسل العمري للعائلة المبني على أساس المبدأ النبوي الشريف، وينسحب ذلك على الوحدة العائلية العامة والعائلة الملكية...
بل يتعداه إلى الكيانات والمنشآت الخاصة الجديرة بالثقة والاحترام.. بتكريم وتقدير العاملين لديها والتعامل معهم كأسرة واحدة دون تمييز ومحاباة وتفريق، مما يؤسس لبيئة عمل جاذبة مناسبة للأبداع وتعزيز العطاء والبذل والانتماء للكيان...
ومن أجمل وأقوى هذه النماذج والمثُلات في التطبيق وهي من أصعبها وأهمها على المستوى الفردي والمجتمعي...
التسلسل في القيادات الحاكمة: الملوك، السلاطين، الشيوخ، الأمراء، الرؤساء...،
فيأتي احترام وتوقير واتباع ولي الأمر ديانةً وطواعيةً ورضى نفس، في جميع ظروفه الطبيعية والعصيبة لأي عارض كان صحيًا أو غيره.. وفي المنشط والمكره.. بمعنى فيما نقدر عليه شق علينا، أو يسر بنا، وفيما نحبه وننشط إليه، وفيما نكرهه ويثقل علينا، وهكذا تسير عجلة التنمية والحب والازدهار..
وليس آخرها ما حصل في دولة الإمارات الشقيقة بعد وفاة الشيخ/خليفة بن زايد -رحمه الله- وانتقال الإمارة لأخيه محمد -حفظه الله، وذلك لتأكيد النهج الرباني والهدي النبوي في الاهتمام بالفرد والدولة ومصالح العباد واحترام ذواتهم والحفاظ على جناب التوحيد والأمن والسكينة ودورة الحياة الكريمة والعيش الرغيد.. بكل يسر وهدوء وأمن واستقرار...
تلك هي النفوس الكريمة ذات الهمم العالية والنظرة الثاقبة الجلية...
فهنيئاً لنا ولاة أمرنا الكرام.. وهذه من النعم الباطنة اللتي منَّ الله بها علينا ونحن نعيش رغدها ونماءها وازدهارها وأمنها... فالحمد لله حمداً يليق بجلال قدره وعظيم سلطانه،، على ما منَّ وتفضل علينا به.... فهم القدوة المُثلى لنا ولكل فطن على هذا النهج الرباني القويم...
حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء..
وحفظ ولاة أمرنا وأعانهم وسدد على درب الخير خطاهم..