د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
غمرتنا طاقات فرح عظمى حينما صدحت منصات الفوز لتعلن للعالم ما حققه أبناؤنا المشاركون في (آيسف 2022) برعاية «موهبة» من نتائج رائعة تنبئ عن علماء واعدين ينافسون العالم بإذن الله؛ فابتهجتْ مرتبعات بلادنا الغالية منذُ أن كان الطلاب في الناقل الجوي حتى أروقة المدن ومؤسساتها التعليمية؛ وكانت حيازة الفوز العالمي في الآيسف بعدد مجزٍ من الجوائز، وبتصدر في كثير منها، صولجان قوة معرفية؛ فامتشقنا أقلامنا للتحدث عن حصادنا العالمي الذي حققه طلابنا فنما واعشوشب! فهناك حتما من محفزات الكتابة ما يُجري أنهارا؛ أولها نبض الوطن في تنافسية عالمية معرفية، حصدتْ جوائز مُثلى، وتصدرتْ الصفوف؛ وثانيها حصاد مؤسسة «موهبة طيبة الذكر» التي استهدفتْ العقول السعودية من الطلاب بالدربة والمِران فصارتْ غِزارا..
وثالثها قلوبنا العطشى لأحاديث التميز لتعليمنا الذي تبذل له قيادتنا الرشيدة النفيس والذي ما فتئت آذاننا تتشنّفُ توّاقةً لبلابل الدوح؛ ولكنها لا تسمع إلا نواح من يتحدثون عن ذيل القائمة في التقييمات الدولية (Timss, Pirls,Pisa)! وما بين مصطلح الموهبة؛ وحضورها المهيب في نتائج الآيسف 2022؛ وتلك النخبة من طلابنا التي رقصت قلوبنا فرحا لاعتلائهم المنصات العالمية؛ وبين الحدود التي رسمتها بلادنا المملكة العربية السعودية لبناء كفاءة شاملة للنظام التعليمي؛ بينهما يكمن السؤال كيف نخرجُ على شروط العالم الجديد ونستظهر متطلباته؟ والإجابة يصنعها إيمان المخططين للتعليم بأن كل فوز للطلاب الأفذاذ في المسابقات الدولية يجب أن يكون مؤسِسا أصيلا في بناء إستراتيجية النظام التعليمي من خلال البحث في التأثير والمؤثر والبيئات لأولئك الطلاب؛ ومن ثم صناعة إستراتيجية شاملة تشحذ وتوقد عقول أكثر من سبعة ملايين طالب وطالبة في مؤسسات بلادنا التعليمية تحقيقا لما تطمح إليه بلادنا من وصول قوي للمقومات الضرورية لنهضة الوطن، والتركيز على اكتشاف كوامن العقول بحيث تتوجه مستهدفات التعليم إلى التأثير والإنتاج والقوة؛ فالمؤسسة التعليمية هي حتما الميدان الخصب لإنتاج الأفكار واكتشاف الجديد وارتياد المجهول؛ واستيلاد المواهب الفذة؛ واستيعابها وتنميتها، وحبذا أن يتبع ذلك استحداث جائزة عالمية يعترف بها العالم تحمل وسمًا سعوديًا يعتدُّ به وتقام في بلادنا منافسات طلابية عالمية في العلوم والآداب، ولدينا من الإمكانات والفرص الكثير مما يؤكد نجاح الجائزة ومستهدفاتها، وفي ذلك تأطير لجهود موهبة مع الطلاب الموهوبين..
ولن أتحدث عن الموهوبين ومؤسسات احتضانهم في بلادي فقد كفاني شأنهم ذوو الاختصاص، وما هو جدير بالنظر هو محفزات المبدعين الموهوبين؛ وهي شديدة الصلة بالإنسان؛ لأن فضاءات الإبداع مفتوحة، وربما أن المبدعين اليوم انعتقوا من وتيرة التقليد، ولكن قد يحتاجون إلى قراءة ذلك الإبداع وإدراكه، فالممتلئون يقتنعون بوجودهم, وما يلبثون إلا أن يباركوا الاصطفاف مع المبدعين وهم في بيئاتهم الصغيرة فلابد أن يقفوا في موقف حقيقي من المصطلح، وأن تقام لهم مواقع الإنتاج لتوليد ما يختزنون من طاقات، والاستفادة من الإضافات النوعية حيث يصنعون المعرفة المنتجة، ويفجرونها في القنوات والسواقي، ويحولونها إلى طاقات محتملة.
وفي تلك اللحظات تبرز ملامحنا المتماسكة الناضجة، ونبدأ في إيقاظ مشاريع المبدعين النائمة أو المؤجلة في قائمة أحلامهم، ونوقد لهم الضوء ليصعدوا فوق الأيام، ويستمتعوا بعقولهم المشرقة؛ ونصطف مع المبدعين في مضمارهم، ونفسح الطريق لجيل قادم لينحت اسمه عند نقطة الانطلاق، ويمهرها بخاتمه حين يكتمل السباق، ويحصد الوطن تجليات نادرة صَنع لها أوعية من الوضوح والجلاء لتكمل تفاصيل مستقبل عظيم ينتظرهم عندما يبارون أهدافاً, ويحققون اختراعا، ويصفون دروب إبداعهم ويغلبون باحتراف وحذق في النهايات!
ويشرق في المحافل اسم دار
لها في المجد تاريخ تسامى