رمضان جريدي العنزي
الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تُدان، والدنيا دوَّارة، وللحياة تقلّب عجيب، واستقرارها على حال محال، والحياة لا تعترف بالثوابت، والدنيا دولاب، والزمان قلاَّب، فكم من غني أصبح فقيراً، وكم من فقير أصبح غنياً، وكم من عليل أصبح صحيحاً، وكم من صحيح أصبح عليلاً، وكما يفعل المرء يفعل به، وكما يصنع يصنع به، وكل فعل سيلقى المرء نظيره، فمن بر بوالدية سيجد البر من أبنائه، ومن عقَّ بهما سيجد العقوق منهم لا محالة، ومن ظلم يظلم ولو بعد حين، ومن ستر على مبتلىً ستره الله في الدنيا ويوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسَّر الله عليه، ومن نفَّس كربه على صاحب حاجة نفَّس الله عليه كرباته، ومن أقال عثرة أقال الله عثرته، ومن جبر خاطراً جبر الله خاطره، ومن تجاوز تجاوز الله عنه، ومن أنفق أنفق الله عليه، ومن عفا عفا الله عنه، ومن رحم رحمه الله، ومن أحسن أحسن الله إليه، ومن تتبع عورات الناس تتبع الله عوراته، ومن نمَّ بالناس نمّ به، ومن ضر أحد سيضره الله ذات يوم، ومن خذل أحداً سيخذله الله. إن الخير والشر نقيضان، فالطاعة عكس المعصية، والحق ليس كالباطل، والثواب نقيض العقاب، وبالخير تسمو الحياة، وترتقي الأمم، وبالخير تعلو القيم العليا وتكبر، وبالخير يسود الناس السعادة والعدالة والجمال، وبالشر يعم الظلام والحزن والكآبة، قال تعالى {وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس}، وقال عليه الصلاة والسلام (خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَسَاءَ عَمَلُه)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام (خَيرُ النَّاس أنفعهم للنَّاس). إن على الإنسان الحكيم العاقل اللبيب التفكّر في أعمال الخير والبر والإحسان، والحرص عليها والدوام على فعلها، وأن يتحرَّى الخير ويستكثر منه حتى يعتاد عليه، جاعلاً منه حقيقة يمارسها بواقعية تامة.