د. عثمان بن عبد العزيز آل عثمان
المسلمون في كل مكان وزمان يؤمنون بقضاء الله وقدره، وأن الحياة حق، وأن الموت حق، ولا يعترضون نِهَائِيًّا على هذا القدر، و يرددون قول الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. ويقولون: إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى. ولا يقولون إلا ما قاله الصابرون: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
فالله تعالى جعل الصبر مبعثًا للخير وأجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة لهم ولفقيدهم، وإنما الصبر والاحتساب عند الصدمة الأولى.
والحمد لله ربِّ العالمين على قضائه وقدره، وإنا على فراقك شيخنا خليفة لمحزونون، وسيظل ذكرك الحسن في قلوب الجميع، لأنه من نعم الله تعالى على أهل الإمارات الكرام أن هيأ لها رئيسًا للدولة صدق الله تعالى ما عاهد الله عليه، وقضى حياته -يرحمه الله تعالى- لخدمة دينه ووطنه وسائر بلاد العالم، فأحبه الناس؛ لأنه يحب الخير والعطاء لهم، فكان له من حظوظ التقدير والإجلال والدعاء ما يستحق من أهل النفوس الطاهرة، والقلوب الشاكرة، والوجوه المستبشرة الباسمة، أصحاب الهمم العالية.
كان -رحمه الله تعالى- رئيسًا هدفه تطوير وتعزيز كفاءات المسؤولين بأي شكل، يؤمن أن نموهم سيساعدهم ويساعده برفع معنوياتهم، وحثهم على البذل والعطاء، حسب رؤيته الثاقبة بأن نجاح مشروعات الدولة وأمنها واستقرارها يعتمد بعد توفيق - الله تعالى-، على حماس وارتياح كل مسؤول مخلص لدينهِ ووطنه بإخاء وتعاون وإخلاص جميع أفراد المجتمع الإماراتي، وكلما ارتفع ونجح أكثر أغدق عليهم أكثر وأكثر. تتوالى كلمات الرثاء مبينةً أفضال الرئيس الراحل -رحمه الله تعالى- وجوده بطرق احترافية في خدمة الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ ليبقى أثره الطيب، الذي يقود إلى الترحم والدعاء له، وهذا ما يبعث على الاطمئنان، ويخفف من الألم والحزن، والناس شهود الله تعالى في أرضه، لأنه يؤدي دور الرئاسة للدولة بشكل متكامل ومتجانس وفعَّال، والإسهام في تحقيق الاستدامة والتنمية، حسب أهداف وسياسات عزم على تحقيقها- بتوفيق الله تعالى- وبما يتوافق مع همته العالية والعزم والعزيمة والإصرار، وبذل قصارى الجهود المضيئة المباركة للتغلب على منغصات تحول دون تحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية التي تجعل دولة الإمارات في مصاف الدول المتقدمة، وبإذن الله تعالى يستمر أهلنا في دولة الإمارات للوصول للأهداف المنشودة لخدمة المواطنين والمقيمين وسائر بلاد العالم.
عزاؤنا فيه أنه -رحمه الله تعالى - ترك وراءه شعبًا يدعو له، وعزاؤنا فيه أن ترك صدقة جارية، تدر عليه أجرًا وفضلًا عظيمًا في الآخرة، وهذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء من عباده الصالحين.
وعزاؤنا فيه أنه شجع العلم والمعرفة والتطوير؛ لتحقيق المزيد من الإنجازات المشرِّفة وشمولها مناحي الحياة المختلفة، وفق معايير الجودة العالية، بتعاون الجميع الذي تشهده بلاد الإمارات الآن.
عزاؤنا فيه بأن ترك خلفه بصمة واضحة لا تنجلي، وصدق محبة لا تزول ولا تغيب لأنه -رحمه الله تعالى- مارس الرئاسة باللطف واللين والدعم المتبادل، والعطاء فتألق في إدارة شؤون البلاد والعباد، وكسب ثقة بلاد العالم على كافة المجالات والأصعدة.
أقدم الدعاء والمواساة للجميع في الفقيد الغالي -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجعله في الفردوس الأعلى من الجنة مع الأنبياء، والشهداء، والصالحين، والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.
اللَّهم جازه بالإحسان إحسانًا، وبالسيئات عفوًا وغفرانا، واغسله من الذنوب والخطايا بماء الثلج والبرد، ونقِّه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، ولوالدينا جميعاً ولوالديهم وجميع المسلمين والمسلمات، وأن يجبر مصيبة الجميع، ويعظم الأجر، ويرزقنا الصبر والاحتساب. وأدعو الله تعالى أن يحسن خاتمة جميع المسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها.
** **
رئيس مجلس إدارة الجمعي - الخيرية لصعوبات التعلّم.