لا شك أن الموت هو النهاية الحتمية لكل المخلوقات.. قال الله تعالى في سورة آل عمران: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).. نتألم كثيراً عندما يموت أحد أقاربنا أو أصدقائنا أو من نحب.. نتذوق مرارة فقدهم وتحزن قلوبنا.. فما بالك إذا أخذ الموت أعز وأغلى الناس لك.. إنها الأم.. أجزم أن الألم والوجع سيكون أكبر أثراً على القلب.. في صبيحة يوم الجمعة الفائتة الثاني عشر من شوال الحالي فقدت أنا وأشقائي بل وكافة أفراد أسرتي (الفهد) أمي الغالية نورة بنت راشد بن محمد الفهد - أم محمد - بعد معاناة طويلة مع المرض.. أدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناتها وأن يكفر سيئاتها ويرفع درجاتها.
أيها الأحبة.. تعجز الكلمات أن تفي الأم حقها مهما قلت أو كتبت، كيف لا.. وهي منبع الحب ومصدر الشوق وبلسم الجروح.. لن أنساك يا أمي مهما ابتعدتي عني بعداً ليس بعده رجعة.. رحلتي وتركتينا نتألم ونتوجع.. تركتينا وخلفتِ في حياة أبنائك أثراً مؤلماً.. كيف ننساك يا أمي وأنت محفورة في سويداء القلب.. لن تغيبي.. يا أمنا الغالية.. عن ناظرنا لحظة.. صحيح ونحن مؤمنون بذلك أن الحق تبارك وتعالى غيبك عن العين لكن مركزكِ القلب لا ولن يتزحزح - إن شاء الله -.. ألمنا.. نحن أبناؤك - يا أمي يفوق الوصف.. ولا نجد ما نوفيك حقك سوى الدعاء لك.. وإن شاء الله.. إننا أبناء صالحون ندعو لك.. كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).. والحمد لله أن أغلب أهالي مدينتنا حرمة التي قضيتي فيها حياتك يشيدون بك ويتحدثون عن مناقبك المشرفة.. سمعت ذلك من الكثير ممن قدم لنا العزاء سواء في المسجد أو المقبرة أو في البيت أو بالاتصال الهاتفي.. كانوا يشهدون لك بالصلاح والمبادرات في تقديم الخدمات للآخرين وببشاشتك وحسن تعاملك وبمواقفك الإيجابية..
أمي الغالية.. اشتهرت بحبها الذي لا حدود له لمسقط رأسها ورأس والدها وأجدادها.. مدينة حرمة.. وناديها.. كانت - رحمها الله - لا تسمح لأحد أن يتحدث سلباً عن حرمة وناديها تنافح وتدافع عنهما ما استطاعت.. وتوصينا دائماً.. على العمل لكل ما يخدم (حرمة) بقدر ما نستطيع... رحلت أمي ورحل معها العطف والحنان ورحل أبي ورحل معه الأمان.. هل أقول لك يا أماه وداعاً، هل يودع المرء قلبه ويظل نابضاً بالحياة ؟.. اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما وعافهما واعفُ عنهما وأكرم نزلهما ووسع مدخلهما واغسلهما بالماء والثلج والبرد ونقهما من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم أكرم وفادتهما وأحسن منقلبهما وأدخلهما نزل الأبرار جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.. اللهم اكتبهما في الشهداء واجعل ما أصابهما في ميزان حسناتهما وصحائف أعمالهما.. اللهم آمين يا رب العالمين.
أمي تموت ويمناها على كبدي
يا أمُ رحماك إن القلب قد فُطرا
** **
- فهد بن عبدالعزيز الفهد