الأثر الطيب يجب أن يكون من الأهداف المهمة النبيلة للإنسان في حياته، عليه أن يجتهد ويبذل قصارى جهده لتحقيقها، لتكون شاهد خير عند البشر، وأجرا مستداما يحصده الإنسان حتى بعد فراقه للحياة، ولا شك أن يبدأ الإنسان صادقاً مع نفسه يتقلد الخلق الحسن ويرفع من مقام من حوله تقديراً ووفاءً لأسرته الصغيرة بالمقام الأول، متواضعاً في عطائه في مدرسته وفي مجتمعه المحيط به، وصولاً إلى الغايات وتحقيق الأهداف، يسير بمنهجيه في تعاملاته وتفاعل تلك مع سلوكياته الإيجابية تجاه المقربين إليه (أسرته وأهله وأقاربه وجيرانه وجماعة الحى وجماعة المسجد وجماعة العمل).. وكل الكل مجتمعه الكبير يتعايش معهم في أجواء تسودها المحبة والسلام والألفة والوئام، والعطف والحنان ووسط بيئة نقية يسودها التقارب والتعايش والتسامح وحب الخير للآخرين، ولتبقى تلك الصفات الإيجابية ديدنا لتعاملاته بالحياة. من إدخال الفرحة والسرور والبشاشة وزرع الابتسامة، وإفشاء السلام والتقدير وإفساح المجالس بالتقدير والاحترام للكبير قبل الصغير، ليكون لهذا العمل الإيجابي «أثراً يثنى عليه» ويدعى له أثناء حياته وبعد موته، فما أجمل أن يكون للإنسان بصمات إيجابية خيرية واجتماعية وإنسانية لها مردود خير وفائدة لحياة الناس وما أجمل ذلك أثناء ممارستنا وتعايشنا وتعاملنا مع من حولنا نحرص على أن ندع لنا أثرا طيبا في هذه الحياة وذلك عن طريق الكلمة الطيبة.
(فالكلمة الطيبة صدقة) والمبادرات الإيجابية والصفات الطيبة عند التعامل مع الآخرين ونشر الفضيلة وقيم التسامح وكل ما له أثر يبقى بعد فراقنا هذه الحياة..
ومن الوصايا النبوية في الحديث النبوي الشريف وصيّة خالدة تدل على أهمية الأثر ونائبيه الإنسان بعد فراقه الحياة الدنيا: «إن قامَت الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسِيلَة، فإن استطاعَ ألا تقومَ حتى يغرِسها فليغرِسها» عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الميتَ ثلاثةٌ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد؛ يتبعه: أهله، وماله، وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله»؛ أخرجه البخاري.
إن أعمال وبصمات الإنسان التي تبقى وتُذكَر بعده من خير أو شر يجازى عليها، قال الله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12]، فالله تعالى يكتُبُ آثار الخير وآثار الشر التي كان الإنسان سببًا في إيجادها في حال حياته وبعد وفاته، يكتُب الله الأعمالَ التي نشأت من أقوال وأفعال وأحوال، فكل خيرٍ يعمله بشرٌ؛ مِن نشرِ علم نافع يكتبه الله تعالى. ومسلم. ما أجمل أن نترك بقايا عطرنا في كل مجلس ومكان نزوره ونسعى أن نتحدث بالخير والحب الذي يجمع الآخرين ولا يفرقهم ونبني حصون الخير وأن نجعل كل مجالسنا مجالس خير مليئة بالتفاؤل والأمل، مجالس جاذبة لا طاردة، تشع بالأفكار ومشاريع اجتماعية هادفة تحمل القيم العالية تصب خدماتها ايجابياً لصالح الوطن والمواطن والمجتمع معاً.