سليم السوطاني
يعمل قسم التخطيط في أي مؤسسة على إعداد خطة تسهم في حفظ التوازن، وتوفير الاحتياجات، وتقديم الأوليات، كما يملك نظرة مستقبلية ثاقبة.
ومن أهم مهمات التخطيط «تحديد الاحتياجات اللازمة للتخطيط، في ضوء المؤشرات، واستقراء الأحوال الجديدة، والتوقعات المستقبلية».
وأعودُ إلى هذه النقطة المهمة - ما بين علامتي التنصيص، في محاولة لتفسيرها، فهي تمثل لُبَّ عمل التخطيط، ويُتَّخذ القرار بناء على «نتائجها في ضوء المؤشرات واستقراء الأحوال الجديدة والتوقعات المستقبلية».
فإذا انعدم هذا الأمر عند الموظف الذي يعمل في إدارة التخطيط، ففقد بُعد النظر وحجب جهله التوقعات المستقبلية، فهنا تحدث الكارثة، إذ ستكون قراراته نابعة من الهوى، وتفتقر إلى التخطيط السليم، ونأخذ مثالاً لنبيَّن أهمية التخطيط في أي مؤسسة أو إدارة، بل في حياة أي إنسان.
لو فرضنا أن هناك مدرستين ثانويتين متجاورتين، في مكان ما، وإحداهما عدد طلابها قليل جداً، مقارنةً بالمدرسة الأخرى، وأشار قسم التخطيط إلى إغلاق المدرسة صاحبة العدد القليل، وضم منسوبيها إلى المدرسة الأخرى، فإننا سنتساءل هنا: هل عمل موظف التخطيط استقراء للمكان الجغرافي والنمو السكاني واستنتج منه أن عدد الطلاب لن يزيد في هذا الموقع على العدد المعقول الذي تستطيع المدرسة الأخرى استيعابه، وأن هذه المدرسة ستتمكن من تحمل جميع طلاب هذا المكان الجغرافي، من ناحية القدرة الاستيعابية لها، عقوداً قادمة.
إذا لم تُقدَّم دراسة وافية عن النمو السكاني، ونمو عدد الطلاب في المستقبل، ومعرفة الأرقام بالدقة والتفصيل، فهنا يتضح لنا أن قسم التخطيط كان فاشلاً، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، في اتخاذ قراره، وسيعود القسم نفسه إلى المطالبة بفتح مدرسة أخرى، أو زيادة حجرات داخل المدرسة الأولى لزيادة قدرتها الاستيعابية في تحمل عدد أكبر من السابق.
لذا فعلى أي مسؤول، في شركة أو مؤسسة، أن يختار «المتخصصين» للإشراف على هذا القسم، لأنه إذا غاب التخصص ومعرفة المهمات التي يضطلع بها قسم التخطيط، ويجب على موظفيه الإلمام بها، فستكون هناك عثرات كبرى وكثيرة في الطريق، وسيصبح الهدم والبناء والتعديل ظاهرة تتكرر في كل سنة؛ وكل ذلك بسبب عدم التخصص وغياب الدراسات واستقراء أحوال المكان وما يحيط به، وسيفشل في إصدار توقعه للمستقبل.
ومن التخطيط الجيد سينطلق كل شيء في طريقه المرسوم له، ولن تحتاج إلى تكبد خسائر مع تقادم السنوات؛ لأنك حسبت كل شيء بدقة من قبل اتخاذك أي قرار مهم.