علي الخزيم
مُتغيرات اقتصادية عالمية وأحداث دولية تؤثّر على القِيم السوقية للسلع والبضائع، وفئة جشعة تُشعل الأسواق الخارجية والداخلية يهمها الكسب بكل الوسائل، هدفها تضخُّم الأرصدة دون اكتراث بالأثر السلبي على ميزانية المستهلك، والمبرر عندهم: إنها الفُرَص بظل العرض والطلب؛ وأن السعر يُميّز البضاعة، وحرية الاختيار للمتسوق، إذاً فالمتسوق هو المُستَهدَف وهو المُتَّهم المُلام إن اضطر للشراء بغالي الأثمان حين يجد الأسواق على شاكلة واحدة وكأنه اتفاق ضده، فلا حيلة له غير الدفع بالثمن الذي حدده الباعة، الذين يرددون مزاعم أن السوق العالمية تجبرهم على رفع الأسعار حتى وإن كانت البضاعة لا علاقة لها بأي حدث دولي من بعيد أو قريب، وبرأيي: فإن الحل بيد المُتبضّع المُتسوّق؛ وذلك بلَجْم شهوة التسوّق وكبح الاندفاع الشرائي بقدر الإمكان.
حركة الأسواق والتسوّق تشير إلى درجات مرتفعة من إحصاءات ومعدلات عمليات الشراء بمجالات متعددة متنوعة؛ فوِفْق نشرة البنك المركزي السعودي الأسبوعية لنقاط البيع أنفق المستهلكون خلال الفترة من 10 أبريل 2022 حتى 16 ذات الشهر (أقل من أسبوع)؛ أكثر من 9 مليارات و990 مليون ريال وذلك مقابل 9 مليارات و639 عن نفس الفترة السابقة الأسبوع السابق، حيث تم تنفيذ 114.444.000 عملية بنقاط البيع بالمملكة بمتوسط 163 ألف عملية يومياً، كان منها على سبيل المثال 6.141.000 للملابس والأحذية بقيمة 1.154.529.000 ريال، وحسب معلومات البنك المركزي فقد فاق الإنفاق على الملابس والأحذية خلال أسبوع 3 أضعاف مواد التشييد والبناء خلال فترة المقارنة، وبلغ عدد عمليات اقتناء المجوهرات 184.000 بقيمة 201.546.000 ريال، وبلغ عدد العمليات للترفيه والثقافة 1.800.000 بقيمة 249.624.000 ريال، هذه المؤشرات تُقدِّم إضاءات بأن المملكة العربية السعودية بفضل الله ثم حنكة القيادة برعاية خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده أيَّدهما الله تعيش مرحلة متجدِّدة من جودة الحياة ورفاهية المعيشة والرخاء المطرد، وهي نعم من المولى سبحانه يلزم معها مزيد الشكر والدعاء بحفظها، ونصرة ومنعة بلادنا وقيادتنا الرشيدة.
هذه المؤشرات والمُعطيات المعلوماتية الرقمية الرسمية تدعو للتأمل والتفكير ملياً؛ فمن جهة: يحق لكل من أنعم الله سبحانه عليه بالاستمتاع بما لديه من النعم دون إسراف وتبذير وبذخ غير مبرر، ومن سبل دوام وبقاء النعم هو صونها بالشكر والتَّبتل لله جلَّ شأنه طلباً لحفظها وزيادتها والبركة بها، والبعد عن كل سبب يمحقها ويذهب ببركتها، ومن ثمّ اليقين بأن التباهي بالقدرة المالية باقتناء المشتريات دون حاجة لها هو من الإسراف الممقوت لا سيما إذا لم يقترن بمراعاة ظروف المحتاجين والمعوزين بافتعال ما يكسر نفوسهم؛ وربما تسبب بنظرات سلبية تجاه المتباهين بممتلكاتهم أمام غير القادرين، فحقوقهم بالاستمتاع بما أنعم الله عليهم كان يجب أن تكون مُقيَّدة بالشكر أولاً؛ ثم البعد عن كل ما من شأنه إشعار الآخرين بقصورهم عن نيل هذا القدر من المستوى المعيشي، مع أن الجميع يعلم أن الأرزاق بيد رب العباد وهو العليم الخبير بهم، لكنها الأنفس نعوذ بالله من البطر ونكران النعم.