القيصرية عبارة عن سوق تاريخي يقع بحي الرفعة بالأحساء شرق السعودية، من الأسواق الشعبية التراثية والذي تم بناءه في عام 1822 ميلادي يعني 1238 هجري، وتملك أمانة الأحساء منه 177 محلاً كما يمتلك الأهالي نحو 251 محلاً ويشبه بناؤه على الطراز العثماني، ويتكون من ممرات وطرق ضيقة. في سنة 2001 حدث حريق حزن عليه جميع أهالي الأحساء، وليس فقط أهالي الأحساء بل أهالي الخليج، ويعتبر هذا السوق أحد الأماكن السياحية والاجتماعية والاقتصادية في الأحساء. وفي عام 2013 تم افتتاح سوق القيصرية بشكل كامل وجديد بهذا الطراز تحت إشراف أمانة الأحساء، حيث تم إعادة هيكلة هذا المبنى كاملاً من المواد التقليدية من جذوع النخل، وكان تحت إشراف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس هيئة السياحة والتراث سابقاً الذي أشرف بنفسه على هذا السوق بأكمله حتى تطور هذا السوق أصبح إحدى معالم الأحساء الذي يقصده الزوار من الأجانب ودول الخليج، حتى الآن يعتبر أكبر سوق تجاري على كثرة المباني الحديثة والمجمعات التحارية.
السوق يصطف به أكثر من 400 دكان، على مساحة تُقدر بـ15 ألف متر مربع، تتوزع المحال بين جزءين رئيسيين، أحدهما وهو الجزء الأكبر يمتد بين شارعي الخباز والحدادين، والثاني بين شارع الحدادين وسوق الحريم (البدو)، وبذلك يُعد القيصرية أكبر سوق مسقوف في المملكة، والخليج العربي، ويُعتبر سوق القيصرية معلمًا سياحيًا بارزًا ونموذجاً اقتصادياً لمحافظة الأحساء، إذ إنه يقع بين مجموعة من معالم التراث العمراني التاريخي كقصر إبراهيم والمدرسة الأميرية أول مدرسة بالأحساء.
تشكل القيصرية مقصداً لتموين العديد من الأسواق الخليجية خاصةً قطر والكويت والبحرين نظرًا لقُربهم من الأحساء من الأرز، والتمور الأحسائية الشهيرة، حيث تُعد الأحساء أكبر واحة في العالم لزراعة النخيل، كما يضم السوق محلات العِطارة، التي تبيع الحلبة، والسدر، والجريش، وحبة البركة (السويدة) دواء النزر والمرَة. كما تجده مُفعمًا بروائح البخور، والأعشاب، بجانب توفر الأرز الأحسائي المعطر المعروف لما له من قيمة غذائية عالية، والعديد من المنتجات التقليدية التي لا توجد إلا في هذا السوق. بجانب الحناء، والتوابل، والعطور والكثير من المنتجات الأحسائية الخاصة، أو حتى التي كانت تُباع في السوق أو المستوردة من الهند والبحرين، وغيرهما. ويتوافد على السوق زوار من مختلف مناطق المملكة، كما نقلت القيصرية العادات والإرث التقليدي عن طريق الحرف اليدوية والمهنية، وكان يمثل أهمية كبرى لدى كبار السِّن وأهل الحشمة الذين لا يلبسون إلا الثياب المخاطة والمحاكة باليد، أمَّا بعضهم الآخر فكان يشتري ثيابًا مخاطة بالماكينة التي جلبت إلى الأحساء في الخمسينات. وحياكة البشوت الحرفة التي عرفت بها الأحساء موطناً له منذ عقود التي اشتهرت على امتداد الوطن العربي منذ القدم بـ «البشت الحساوي» ويطلب بكثرة خاصة من الأمراء والوزراء والعلماء ورجال الأعمال ووجهاء المنطقة ودول الخليج في دلالة على جودته ونوعيته التي ميزته عن بقية الصناعات المحلية والعربية والأجنبية بحسب ما يعبر به كثير من حاكة البشوت في الأحساء، منذ العصر الأول لظهور الإسلام.
ولاشك أن القيصرية ولما تمثله من تراث فريد في المملكة بل في الجزيرة العربية فإن إعادة إعمارها بالمواد البيئية يمثل إضافة حضارية ونضجاً في مجال التراث العمراني.
** **
@ahmedalamer_99
info@ahmedalamer.com