سعد المصبح
الدكتور إبراهيم التركي، «الإنسان» المتواضع ، يغادر الساحة بهدوء، لأن الهدوء عشقه الأزلي مع حروفه والهدوء فى تعاملاته بإمضائه الأخير يترك بلسمًا ليعيد ذكري محطاته «بصحيفة الجزيرة» بعد أن حمل لواء الحرف وسط حقولها بشغف وأزهرت صفحاتها طيلة سنوات مضت بحروف وألوف من أطروحاته ومقالاته وتعدد لقاءاته بضيوفه، هذا الهدوء لم يكن وليد مصادفة بل سايره سيناريو فى تكتيك الوداع عبر حياته وقبلها اعتذر عن رسم الإبداع عن صوت المذياع. ليبقى فى العرف الإعلامي كبيرًا .. الكبير فى عطائه وشموخه. الأديب المؤدب فى رقيه وتعامله وتاريخه. الحرف يزهو. والكلمة تنصت. نحاول أن نسترجع مع «ذاته»، لنجد أمامنا.. الإنسان الخلوق . الأديب المتمرس المفكر المحترف .المحاور المناور .هادئ الطباع .ناقش الإبداع . عرفته مذيعًا يطل بصوته المرهف رزين عندما يقرأ، وهدوء عندما يلمس الأحرف وينقلها بصوته المرهف للمستمعين عبر موجات إذاعة الرياض يتردد صدى صوته وقارئًا مع النشرات الإخبارية والأدبية والعلوم الثقافية. يواصل إبداعه خلقًا رفيعًا مع تاريخه المميز. ويرنو بتواضعه على مسامع الجمع طربًا ويشدو شوقًا مرددًا حلو الكلام.
أستاذ إبراهيم أنت تغادر مساحات مهنة المتاعب وأنت سيدها بخلقك الرفيع وهدوئك وتواضعك واحترامك للآخرين. كنت شغوفًا بالاطلاع والإبداع. حصلت على الدكتوراه، لم تجلجل بحرف الدال فى تعاملاتك الأدبية والاجتماعية والبحث عن ملذات الشهرة . بل أخذ التواضع سمة لمشروع سيرته ومسيرته الثقافية والإدارية . ولِمَ لا وهو خريج الإدارة وعلومها والأدب وفنونه فى مساكن وردهات صحيفة الجزيرة يأتي ويخرج بهدوء، لا نجد ولا نسمع إلا جميل الكلام، وحسن الحوار، وجميل الجوار، ولا نسمع منه إلا همسًا راقيًا، وخلقًا رفيعًا مبهرًا .بالصمت المثمر والحرف المزهر، أديب عاشق لا يهدأ عن البحث، أديب مناور.. لا يمل من صياغة الحرف. كان قائدًا ورائدًا محترفًا بمعهد الإدارة همه البحث عن الجديد والتجديد حتى أصبح القريب المقرب لتوأمة الاثنين معًا.
مثابر ومخلص فى عمله، يتلمس القمة، ابتعد وهو واثق الخطوة راسم البهجة ككاتب مبهر، وناقد ملهم. وبفكر مثري ، وإرث مزهر وعطاء ثقافي مثمر.