عبده الأسمري
في سجلات التاريخ لم تستمر «السوءات» التي لجأ إليها السفهاء من أجل جني «المال» أو حصد «الشهرة» أو لفت «الانتباه» استنادًا إلى طبيعة بشرية وهوية آدمية ترفض «السفه» وتلفظ «العته» حتى وإن صفق لها «التافهون» أو دعا لها «الفارغون».
في خضم بحر لجي من التحول والتغير والتبدل الذي تفرضه «مدارات» العيش و»تحولات» التعايش و»متاهات» المستقبل وما بين «ماض» يجبر الإنسان نحو التذكر و»حاضر» يرضخ الشخص أمام التدبر فإن السلوك البشري أمام موجات «حتمية» وهجمات «ضرورية» من مد «التأثر» وجزر «التأثير».
تتعدد أوجه الشخصية الإنسانية في «اعتراف» بالداخل و»إنصاف» للنوايا وما بين انصراف للأنا واغتراف من المصالح فتأتي السلوكيات متباينة ومختلفة ومتفاوتة في «تصرفات» منظمة تعكس سلطة رقابة الذات و»مهاترات» بائسة ترجح رجعية النفس والكل في ذلك أمام مجهر «الحساب» وفي ميزان «المحاسبة» وسط عزة بالإثم تؤدي إلى استدامة «السوء» أو سطوة للندم تُسهم في صناعة «السواء».
هنالك أشخاصٌ لا يزال ذكرها «عابقًا» بالحسنى على الرغم من مرور قرون على رحيلهم بعد أن أوفوا لمهمة الإنسان واستوفوا لهمة «النفع» في حياتهم سواء فيما يتعلق بمسؤولياتهم أو مكانتهم أو فيما يخص صفاتهم وسلوكياتهم لأنهم كانوا ينجذبون للنهل من «مشارب» الخير والبعد عن «مسارب» الشر.
اقترن «الغرور» و»الكبر» و»التغطرس» ببعض البشر في مسيرة حياتهم وظلوا تحت سطوة دعوات الكارهين لسلوكهم والرافضين لمسلكهم في إدانة واضحة لتصرف بشري يضع «الحواجز» بين أناس لا يفترقون إلا بالتقوى
نواجه في محطات العمر ودروب الحياة وجوهًا كان بعضها ينتهج «الوضوح» ويتعامل بالصدق ويتصف بالصراحة شكلوا نماذج بشرية تدعو إلى الفخر وتستحق الاعتزاز في حين أن أصنافًا أخرى تلونت بالكذب وتلحفت بالتنكر وتشبثت بالمصلحة حتى شوهوا «بياض» الإنسانية ونقاء الآدمية بأفعال ذواتهم المريضة.
لم ولن تخلو «حقبة» على مدار الأزمنة المختلفة من نبلاء يؤسسون فصول «الخيرات» وفضلاء يؤصلون أصول «المسرات» ويجهزون «الحلول» أمام متاهات المتألمين ويصنعون «الآمال» أمام مدارات المحبطين.
تزايدت صدمات النكران وارتفعت حالات التنكر من شخصيات «مختلة» ترى في إنكار المعروف حيلة لسد هوة «النقص الشخصي» واحتيال لردم فجوة» الخلل الذاتي» والأدهى والأمر أن بعضهم علم غيره ممن يتصفون بذات الاختلال على هذا التصرف المخجل والذي يدعو إلى الشفقة ويستدعي الدهشة ويؤكد «الخذلان».
ارتفعت معدلات «التباعد» بين الناس في اتجاهات من الحيطة والحذر من موجات «إحباط» متوقعة أو هجمات «تخاذل» محتملة وسط»غيبة» تنبئ بالكره و»نميمة» تنذر بالخلاف وما ذلك إلا نتيجة مؤكدة لشيوع الفتن الخفية بين أفراد المجتمع الواحد في ظل «صور ذهنية» تشبعت بها «العقول» وامتلأت بها «القلوب»، الأمر الذي يستوجب أن نعلي صوت «المعروف» وأن نرفع صدى «العرفان» حتى تخف حدة «الانفصال» المجتمعي بين نسيج الجماعة وترتفع وتيرة «الاتصال» الاجتماعي بين شرائح المجتمع.
نحن أمام تحدٍ حقيقي بين أجيال حاضرة ترى في ترهات السفهاء بيئة خصبة للسير في سلوكيات لا تتوافق مع المنطق ولا تتفق مع الرقي ولا تتواءم مع الصواب لذا فإن قرع «أجراس» التحذير واجبة وضبط» مسالك» الأخطاء ملحة خصوصًا أن الإيحاءات مستمرة والتضليل متواصل في ظل «غفلة» تربوية و»تجاهل» أسري ينبئ بالخطر وسط وجود «السفه» كمادة خام يجهزها «الأغبياء» على طبق من عجب للمنساقين وراء ضلالهم وهذيانهم.
هنالك تدنٍ واضح في مستويات التفكير وانخفاض ملاحظ في اتجاهات الفكر لدى الجيل الجديد وبوصلة تتجه بكل تهور وتدهور نحو تتبع سوءات «مشاهير» التواصل الاجتماعي والسير خلف قوافلهم التي تدعو إلى السخرية، إضافة إلى اتباع ما تنثره «الدراما» المؤدلجة لتضليل العقول وتأويل التصرفات مما أخرج لدينا «قضايا» يومية
و«أحداث» مشاهدة عن سلوكيات لا تعكس «الوجه» الأصيل لمجتمع راقٍ ينبذ التخلف ويحارب الغباء ويرفض السخف.
لدينا مؤسسات وقطاعات وهيئات انشغلت كثيرًا بالأنشطة والفعاليّات التي تأتي في قوالب يغلب عليها «الروتين» وتطغى عليها «الاعتيادية» إلا أن مطالب «النصح» على طاولة هذه الجهات للسعي إلى إعادة «النظر» في طريقة التعاطي مع تلك الاتجاهات والتركيز على دراسة السلوك وتوظيف المسلك في سبيل ربط المجتمع بالمنافع وارتباط البشر بالفوائد والحرص على مواجهة ومجابهة ما تنثره ترهات السفهاء على «صفحات» التطور وما تضعه عناصرهم كعوائق تقتضي الإزالة والاجتثاث.
والواجب أن يتم الاستناد إلى الماضي الذي يشكّل «الأصل» في المنطلق والارتقاء بالحاضر الذي يتطلب «الفصل» في التقييم والرقي بالمستقبل الذي يستوجب «الفعل» في الأداء..