د.سماح ضاوي العصيمي
على اختلاف الزمن وتتنوع الأزمات أثبت المجتمع السعودي للمجتمع الدولي أنه مجتمع عذي متنافر مع الأوبئة الفكرية، وكثيرًا ما تضاءلت أمامه محاولات التشويه والشيطنة الإعلامية العالمية مهما كان علو تكلفة استراتيجياتها، وكثيرًا ما أثبت المجتمع السعودي تطلعه الشغوف للتنمية والبناء الإنساني وترقيته الحضارية وتثقيفه للأمم والشعوب العالمية بثقافة الإعمار والسلام الإنساني (الإنسان أولاً)، المجتمع السعودي مازال محتفظًا بالفطرة الأولى التي فطر الله الإنسان عليها من كياسة وفطنة ونبل وشهامة وعصامية الأهداف، ممزوج بوثبات تطويرية مواكبة لمدى التحضر والتمدن العالمي، ومنعمًا عليه بقيادة من سجيته وفطرته ومبادراتها الميدانية والمادية والبشرية في محاربة التطرف الثقافي والإرهاب الفكري أيًا كان نوعه ومنشئه، فأصبح المجتمع السعودي بطموحه المتقد ودعم حكومته اللامحدود أيقونة عالمية في السنوات الأخيرة للتحول السريع المواكب للتطور والحوكمة التقنية؛ وتوظيفها في أغلب مجالات الخدمة البشرية،ومعالجًا في الوقت ذاته خلل المعضلات العالمية بسواعد أبنائه.
ولا شك قد عانى المجتمع السعودي بسبب كبوات فكرية في فترات سابقة اُستغلت نواته النادرة النقية بمحاولات تودد لعاطفته الدينية والإنسانية، وخطط أعدت تحت أقبية المؤامرات في إدخاله صوامع الظلام والرجعية، وتكاتفت عليه بعض القوى الناعمة بكل إمكاناتها المادية في دمج انفتاحه العالمي وتقبله للآخر، وعملت بارتزاق متفانٍ أن يؤطر كمجتمع منغلق بتوجه جامد رافض للغير أو المختلف، إلا أنه في نهاية المطاف المتكرر ينتفض المجتمع السعودي فكريًا واجتماعيًا ضد الدخلاء على الاعتدال الإنساني، ويقصم ظهر خطط الأقبية المظلمة محققًا في كل مرة انتصارًا أصيلاً لعذيته الفكرية ونسيجه الاجتماعي الفريد.
وفي كل مرة تصل إنسانيته إلى مشارق الأرض ومغاربها، تنتصر إنسانيته وعذاته الأصيلة، في كل الظروف تتمتع الشعوب المختلفة والأقاليم المتعددة في العالم بكرم وإنسانية وحكمة قيادته وحنكتها الضاربة في التاريخ؛ ومنه تكتمل أركان النقلات النوعية للإنسانية من هنا ويُحكم السياج الفكري والثقافي تباعًا.
فالمتابع للساحة الدولية الحاضرة يقرأ بلبابة منطق وتاريخ مُعاد؛ محاولات التودد والتجييش الديني غير المباشر لشعوب المنطقة تارة من الشرق بالتصاريح الروسية في نصرة القضية الفلسطينية وحقهم الوجودي ضد الاحتلال والذي أصله مناكفة دولية لا أكثر بين روسيا وإسرائيل في موقف الأخيرة تجاه النزاع الروسي- الأوكراني والمناهض للموقف الروسي، وتارة أخرى اهتمام الغرب بالإسلام وتفاصيله ورسائل التهاني لشعوبه، وعلى الرغم من تقبل المجتمع السعودي لمحاولات التودد من باب تقبل الآخر والانفتاح عليه، ومن منطلق التعايش البناء بين الأديان والممارسات الثقافية المختلفة، إلا النباهة في المجتمع السعودي حاضرة ومتيقظة، ومدركة جيدًا أنها خلف قيادة واعية ودارسة لموقفها أمام أي نزاع في العالم، وماضية في خططها التنموية دون كبوات أو منغصات، فقد شُمر عن السواعد أبناؤه التي لا تُهد إلا أن يُهد جبل طويق.