تعتبر منظومة الطيران شريان الحياة والجناح المغذي والمحرك لكل الاقتصادات الأخرى بطرق مباشرة وغير مباشرة. ضمن العولمة المتسارعة وبحث الدول على وضع صورة ذهنية ايجابية عنها دولياً مع تأثير محلي واقليمي ودولي ليكون لها تأثير في السياسات الدولية وتكون بيئة جاذبة للاستثمار ومساحة تجذب اليها انواع المسافرين بتوفير سبل وتنوع سياحي من سياحة المال والأعمال وسياحة الترفيه والرياضة والصحة والتعليم والاستجمام أو السياحة الطبية وغيرها من انواع السياحات، تلعب منظومة الطيران دورا هاما في هذا الحراك العالمي. لذا، منظومة الطيران تستطيع ان تكون اللاعب المؤثر رقم واحد في التحفيز وتغير السلوك وقيادة الشركات نحو دور هام في التنمية المستدامة ومعالجة القضايا العالمية.
أزمة المناخ تعتبر أكبر تحد يواجه صناعة الطيران وحسب احدى الدراسات وجدت ان البيئة والتغير المناخي يثيران قلق الشباب بنسبة 40% والشباب لديه اهتمام كبير بقضايا البيئة والمشاريع الاجتماعية والتعليم والصحة ويهتم بالشركات التي لها مبادرات تهم هذه القضايا، بل وتساهم في وضع حلول للمستقبل من الابتكارات. العملاء أصبحوا أكثر وعي وضغط على الشركات لدعم الاستدامة ومسؤوليتها تجاه المجتمعات والقضايا العالمية. 94% من العملاء لديهم قابلية الانتقال إلى شركات تدعم قضايا المجتمع إذا كانت بنفس جودة وخدمات المنتج الحالي, 74% من العملاء يرغب في الشراء من شركات تدعم قضايا مجتمعية, 85% من العملاء يتكون لديهم صورة ذهنية ايجابية عن الشركات التي تدعم قضايا المجتمع.
منظومة النقل والطيران تحتاج إلى إعادة تشكيل مستقبل السفر الجوي والسياحة للتناسب مع احتياجات واهتمامات الأجيال القادمة. شركات الطيران هي من يصنع لنفسها الطريق بأن تكون قائداً Leader وتلعب دوراً في تغير السياسات وصنعها وتحفيز مستقبل الابتكارات أو متابع لما يحدث Followers.
منظومة الطيران والتحالفات المحلية والدولية والتعاون مع مراكز الابحاث والابتكار تستطيع ان تساهم بوضع بصمة في الانبعاثات الكربونية من خلال إيجاد طرق جديدة لخفض الانبعاثات وجعل مستقبل صناعة الطائرات أكثر كفاءة ويساهم في جودة حياة افضل للعالم، بل ويساهم في تعزيز المحتوى المحلي والدولي في مجالات البحث والابتكار لما يخص منظومة الطيران في علم الهندسة والتسويق والمالية والبيئة والتصميم والطب وكل العلوم التي لها اسهامات مباشرة وغير مباشرة في علوم الطيران.
شركات الطيران التي ترغب في اخذ زمام مبادرة قيادة التغير في تحدي نفسها والآخرين نحو الابتكار والوصول إلى آفاق جديدة لإيجاد حلول لم يتم اكتشافها بعد لخلق مستقبل أكثر استدامة.
تحالف سكاي تيم للطيران اطلق مبادرة «تحدي الطيران المستدام» التي كانت من أفكار مجموعة من موظفي KLM يُطلق عليهم Bold Moves كان لديهم حرص لإيجاد طرق جديدة طموحة لجعل الطيران أكثر استدامة، استوحوا فكرتهم والإلهام من سباق جوي انطلق عام 1934م من عاصمة بريطانيا لندن إلى ملبورن في أستراليا. خلال ذلك السباق، أثبت رواد الطيران قدرتهم ومدى إمكانية الطيران لمسافات طويلة. تحدي الطيران المستدام Sustainable Flight Challenge امتداد من مبادرات المبتكرين الأوائل وجعلها تتناسب مع تحديات الزمن الحالي والمستقبلي لجعل السفر الجوي أكثر استدامة وتستمر فيه عجلة النمو والابتكار مما يساهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (UNSDGs).
ظهر مفهوم المسؤولية الاجتماعية Corporate Social Responsibility في ألفية 1800م وذلك لاحتياج المجتمعات للأعمال الشركات الخيرية. وبعدها ظهر اسم مصطلح المسؤولية الاجتماعية الذي بدأ في 1953م مع ادراك الشركات لتأثير أفعالها على المجتمعات والاستفادة تسويقيا من المسؤولية الاجتماعية. في منتصف 1960م بدأ التعامل مع CSR كاستجابة لمشاكل المجتمع المحلي الحديث ودور الشركات في زيادة الوعي والدعم.
مع ظهور الانترنت والعولمة منذ عام 2000م بدأ التحول إلى معالجة القضايا المحلية للتركيز على معالجة والاهتمام بالقضايا العالمية ورغبة الدول في تبني الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
لذلك، عندما نتحدث عن الاستدامة التي هي جزء من رؤية السعودية 2030 وضمن مبادراتها وبرامجها أن تكون المملكة العربية السعودية قائداً في التغير نحو الاستدامة للأجيال القادمة ومصدر قوى في السياحة والطيران والصناعة، فإن المحرك الضامن للاستدامة هو وجود الابتكار والابحاث مع RالجزيرةD لكي نصل للاستدامة التي نتائجها نمو في الاقتصاد ونمو في الموارد المالية للشركات والأهم ان تلعب الشركات دورها الحقيقي ليس في مسؤوليتها الاجتماعية لقضايا محلية في نطاق الماضي أو الحاضر، بل في قيادة المستقبل نحو الاستدامة لتكون جزءاً من صميم سياساتها Policy وممارساتها Practice وفلسفتها Philosophy بدأ من قيادتها وكامل أصحاب المصلحة Internal and External Stakeholders ونستطيع حينها ان نضع بصمة ومعايير صناعة أخلاقية عند التفكير بأسباب ما ننتجه للعالم.