غالب الذيابي
من السماء.. أُمِرَت أبابيل بإيقاف أبرهة الحبشي وجيشه عن التقدم نحو البيت الحرام، يا لها من معجزة إلهية وآية من آيات المهيمن الجبار عز وجل مفادها أن البيت العتيق عصيٌّ على المفسدين في الأرض.
أُمرت أبابيل ولسان حالها يقول لأبرهة: ستقف على رسلك مرغماً وستعود القهقرى يوم أن سرت مختالاً فخوراً لتنفذ ما تهوى وتهدم ما تخشى!! فما هي إلا لحظات حتى أصبح زهو الأشرار ذِلَّة ومهانة حيث أمطرتهم الطير بحجارة من سجّيل، حجارة لا تكبر حبات «السبحة» حجماً لكم قدرتها على محو أبرهة وجيشه كانت أكبر من جبروته وأكبر من خيلائه، فما إن تساقطت حتى بدأ بعض قادته يخرّون صرعى كأنهم أعجاز النخل، والبعض الآخر يهيم على وجهه حتى أهلكه العطش فكان هذا العقاب وكانت آية العزيز الجبَّار تتجلى باالقرب من مكة في ربيع الأول 53 ق. هـ الموافق 571م وبذلك تنطوي صفحة أبرهة إلى يوم الدين ويبقى البيت العتيق مناراً تهفو إليه أفئدة الأمة ما تعاقب الأجددان.
ومن قصر العوجا صدر الأمر الموفق لأبابيل السعودية بإيقاف العمائم الآثمة واللحى الضَّالة عند حدّها يوم أن خططت وناقشت واتفقت على إطفاء النور الإلهي المنبثق من بيته العتيق وكعبته المشرّفة، كيف لا وهم يرددون هرطقة الطوسي حين قال متكلماً عن الكعبة «ولولا من تضمنه أرض كربلاء ما خلفتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت فقري واستقري وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء وإلاَّ سخت بك وهويت بك في نار جهنم» انتهى هراء مفتي هولاكو.
وأبابيل السعودية اليوم قادرة على مواجهة الأطماع من موقع القوة حيث احترف صقورها ميدان السماء وأصبحت خبرة كل صقر يافع تعادل خبرة لواء طيار في الدولة «إياها» وذلك بفضل التجارب دفاعاً عن مصالح الأمة وهم يمتطون صهوات أل إف15 والتورنادو واليوروفايتر تايفون والبيتشكرافت سوبر كينغ والإم كيو1 وغيرها مما جادت به تقنيات الشرق والغرب في مجال الردع الجوي، وما تلك الأسراب بصقورها إلاَّ ورقتنا الرابحة التي نتوسم فيها القوة ونعلق عليها بعد الله آمالنا الكبيرة للذود عن السيادة وردع كل من تسول له نفسه الاقتراب من الخريطة العظمى بحول الله.
إنها ترسانة السلام التي ستعيد حسابات كل مختال فخور أمثال أبرهة وتحت نيرانها سينكمش نفوذ الطامعين إلى حدود العام 1925م وهو عام احتلال دولة الأحواز العربية وستكون بمشيئة الله سر النجاح الذي يرويه الخلود ويكتبه التاريخ بمدادٍ من نور، وذلك أن القوة تعني الذهاب بنا إلى الحياة ورؤية المستقبل بشكلٍ جليّ وهي من تعيد الحقوق حين تبيت بين أنياب الضباع.
وها هم اليوم قادة أبابيل جلهم في مراحل الشباب اليافع يتحلون بمهارات الصقر الجارح والنسر الكاسر، حيث امتلأت سجلاتهم بساعات الطيران الطوال، بلا حوادث أو إشكال وخالقي إنها مدعاة للفرح ومثارٌ للزهو،ونحن نرى سجل الصقر السعودي سجلاً مذهلاً لنظيره في دول العالم. ليس أفضل من قُبلة نطبعها على جباه الشجعان وطائراتهم المهابة.
وليس أصدق من إحساس الكلمة الشاعرة مترجمًا لمشاعري كسعودي يرى تفوق بلاده بين الأمم:
ختاماً سامحوا إلهامي المتواضع فقد عبَّر شعرًا.
ذات المنايا مقبلة
ذات الرزايا مُدبرة
الوجهُ منها هيبةٌ
والصوتُ منها الزمجرة
ما أن تبدا وجهُها
إلا غشتك المفخرة
والأخسرين تخالهم
حُمرٌ غدت مُستنفرة
فرَّت فزعْ... من قسورة