خالد بن حمد المالك
لا تستغربوا حين تقدم إسرائيل على قتل الشعب الفلسطيني بدم بارد وبالتقسيط، فآلتها الحربية لا تفرق بين مهندس وطبيب وإعلامي، وبين أي مواطن يحمل الهوية الفلسطينية، فإبادة الشعب الفلسطيني، وتكريس احتلالها للأراضي الفلسطينية، واستخدام القوة في تحقيق ذلك، سياسة إسرائيلية ممنهجة منذ قيام الدولة الإسرائيلية، ولم تتغير.
* *
والإعلامية شيرين أبو عاقلة التي قتلها الجيش الإسرائيلي أمس وهي تؤدي مهام عملها الإعلامي الذي اعتادت عليه، ولديها به ترخيص من الجيش الإسرائيلي يعطيها الحق في تغطية الأحداث والتطورات، وضمنها الاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين العُزل إلا من الحجارة في مواجهة جيش مدجج بكل أنواع الأسلحة الفتاكة.
* *
ومقتل الصحفية شيرين لا يشكل حدثًا غير عادي، فإسرائيل اعتادت يوميًا على قتل ما تختاره من الفلسطينيين، غير أن مقتل هذه الإعلامية الصادم (غير العادي) كونها تطل يوميًا عبر الشاشة لنقل صورة ما يجري في فلسطين بتوازن واعتدال، ما جعل صوتها ووجهها مألوفين لدى المشاهدين، وبالتالي الحزن على أنهم لن يروها بعد الآن.
* *
هذه ولا شك جريمة مكتملة الأركان، ولن تجد إسرائيل من يبرر لها فعلها الشنيع، وجريمتها النكراء، وسوف يكون لمثل هذا الفعل ردة فعل غاضبة من كل الأحرار في العالم، حتى وإن التزمت الدول الكبرى الصمت، ممن اعتادت على دعم إسرائيل، وتشجيعها على ممارسة جرائمها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
إن على داعمي إسرائيل أن ينددوا بهذه الجريمة، وعلى سلوك إسرائيل بالكامل، والعمل على أن تعود المباحثات بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية الولايات المتحدة الأمريكية لوضع حدٍ لتهرب إسرائيل من تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على أراضي ما قبل حرب عام 1967م على أن يكون الراعي الأمريكي محايدًا هذه المرة لإنجاح المفاوضات.
* *
ولعل مقتل الإعلامية شيرين يفتح الباب الذي أغلقته إسرائيل للبدء في حوار حقيقي يفضي إلى معالجة المشكلات العالقة بين إسرائيل والفلسطينيين بحوار جاد، ورغبة صادقة لإنهاء هذا الملف الذي لم يضمن الأمن لإسرائيل، ولم يطفئ شعلة التصميم لدى الفلسطينيين لاستعادة أراضيهم التي تحتلها إسرائيل.
* *
ومن المؤكد أن بقاء الوضع على ما هو عليه، إنما يلقي أبلغ الضرر على إسرائيل والفلسطينيين، ويضع دول العالم في حالة قلق دائم أمام حالة عدم الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وتاليًا في العالم كله.
* *
وإن التنديد بمقتل الصحفية الفلسطينية، وقبلها الجرائم الأخرى التي ارتكبتها إسرائيل لا يكفي، ولا يضع حلولاً لمعالجة المشكلة الأساسية التي تتمثل في إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية، وبناء حسن جوار وتعاون بينهما، وبالتالي على العالم أن يتحرك بجدية للخروج من هذا النفق المظلم، وإحلال السلام الدائم بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني الذي طال مداه، وقد يمتد إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه سنوات أخرى، ومن ثم إلى ظهور ما هو أسوأ على الجميع.
* *
ومن باب أن الشيء بالشيء يُذكر، فإن المملكة وعلى امتداد تاريخ القضية الفلسطينية كانت داعمة ومساندة لحق الفلسطينيين في دولة لهم وعاصمتها القدس، ومازال هذا موقفها إلى اليوم، وأذكر بمناسبة الذكرى 74 على النكبة وضمن دفاع المملكة عن القضية الفلسطينية أن نفرًا من أهل محافظة (الرس) حيث مكان مولدي كانوا ضمن السعوديين الذين شاركوا في حرب 48 وقد اُستشهد عددٌ منهم في الأراضي الفلسطينية، بمعنى أن أحدًا من الفلسطينيين لا يستطيع أن يزايد علينا في الدفاع عن قضية العرب الأولى، فالتاريخ هو الحكم بيننا وبينهم لمن أراد أن يعتسف الحقيقة، أو يتجنى عليها.