محمد ناصر الأسمري
ارتبط اسم الطائف في ذاكرتي بالجمال في كل شيء، كيف لا وهي المدينة التي عشت قدراً من طفولتي فيها وتعلمت ولا تزال لها في القلب منازل. مناط الحب كان الارتباط بأبي - رحمه الله - الذي عمل ضابطاً فيها عمراً.
وارتباط الطائف في وجدان الوطن السعودي منذ بدايات التأسيس لكياننا الوحدوي العظيم الذي سار به الملك المؤسس الموحد عبدالعزيز - غفر الله له - مع كوكبة من رواد أجيال التأسيس من الآباء والأجداد، هو ارتباط متعدد الأطياف والألوان والمذاقات، بما جعل للطائف أرضا وإنسانا، سبقا في الأولويات الجميلة في إرساء دعائم أركان الوطن السعودي.
اختار الملك المؤسس البقاء في الحجاز أطول مدة من تاريخ حياته في العمل للبناء المؤسسي لمؤسسات الدولة - الحكومة، ولمن حوله من عقول مبدعة من أرجاء الوطن العربي أسهمت في تقديم الرؤى والآراء، في الوقت الذي جلب بالحكمة أطفالاً من أرجاء الوطن السعودي ليدخلهم منارات العلم، فكانت دار التوحيد معلماً تربى فيه وتعلم من تسنم مقامات متعددة في الارتقاء بتوطين خدمة الكيان في البدايات، حيث تشربوا وطنية الانتماء والإنماء. وارتضى الملك الوالد المؤسس الطائف مقرًا صيفيًا حتى توفي بها وترك مجتمعًا مدنيًا راقيًا تعايش فيه الناس عملاً وتعاملاً أنتج ارتباطاً بالأرض، فكانت ولا تزال باباً لمكة المكرمة حجًا ومحجًا وحاجات، فهي المدينة المثال التي انصهر فيها السعوديون من كل أرجاء الوطن الكيان.
ونقطة التجول العظمى كانت صوابية رؤية وبعد نظر الراحل العظيم، في أن تكون الطائف هي مدينة الجيش، الذي كان النواة في صهر أبناء الوطن في انضباطية الولاء لله ثم الوطن، دون قبلية أو مناطقية أو تمايزات.
حسبما تقول به بعض مصادر التاريخ، كانت الطائف هي المدينة المقر للنواة الأولى لإدارة الجيش العربي السعودي عام 1348هـ، حين كان أول تشكيل للمشاة النظامية، ثم تأسيس مديرية الأمور العسكرية، وأول التشكيلات لفوج المشاة وفوج المدفعية وفوج الرشاشات.
وفي عام 1349هـ بلغت القوات النظامية حداً اقتضى تشكيل وكالة للدفاع، بجانب مديرية الأمور العسكرية، التي شكلت الجيش إلى ثلاث وحدات رئيسية، وهي المشاة والمدفعية والفرسان.
مع كل هذا التطور للعسكرية حتى تكامل العقد اليوم لتكون الطائف مقرا لكلية الملك عبد الله للدفاع الجوي للحرب الإلكترونية ومقرا تدريبيا لكثير من القطاعات العسكرية من أفرع القوات السعودية الباسلة.
من كل ما سبق، فإن الطائف مدينة التنوير والرقي والتحضر، ففيها امتزجت أطياف من منابت وأعراق فكونت مجتمعًا مدنيًا راقيًا، تعايش فيه الناس عملاً وتعاملاً أنتج ارتباطًا بالأرض.
ستبقى الطائف مدينة للعيش الجميل دون حكر أراضيها فالدولة تملك التخطيط والتوزيع وللناس أملاكهم وأفلاكهم.
مع كل الشكر والتقدير لما بذل من محاولات في مهرجانات عكاظ وملتقى سوق عكاظ والطائف أحلى وأحلى وما وعد به أن الطائف ستكون قبلة للسياحة الوطنية، بل والعالمية فإني آمل أن تكون الطائف المنطقة ومحافظاتها الواسعة لها نصيب مما لدى الهيئة المحدثة بأمر الملك سلمان وفق اقتراح مهندس النهوض ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سلمه الله لتنمية الطائف سيكون لها خطط ومشروعات، تشمل محافظات الطائف الواسعة فخوافي المحافظات والمراكز ستكون قوة للقوادم إن شاء الله.
الطائف المحافظة والمدينة مدينة حج فيها مواقيت الحجاج، ورديفة لمكة المكرمة والمسافة أقصر من المسافة بين جدة ومكة، وكثرة الآثار الإسلامية تستحق أن يسرع في بناء مطار دولي. وتطوير السكة الحديد التي تمر بالطائف ثم مكة.
أريد بهذا المقال بمناسبة تعيين الأمير المهندس سعود بن نهار بن سعود محافظاً للطائف ان أسهم بشيء من المقترحات التي أرجو الله أن يكون فيها ما يعين سموه، الذي عرفت والده رحمه الله صديقا نبيلا، تعرفت عليه في منازل زميلي في الجامعة الأمير سطام بن سعود، والأمير يزيد بن سعود حفظهما الله.
وفي النقاط التالية بعض الرؤى:
1 - ان تشمل مشروعات الهيئة لتنمية الطائف التي هي تحت اشراف ولي العهد حفظه الله، المراكز المرتبطة بالطائف شرقاً وشمالاً وفي تهامة مكة بما في ذلك وادي نعمان وجبل كبكب، فقد كان للطائف المدينة اشتغال واسع على حساب المراكز.
2 - تخطيط الطائف المدينة العمراني والحضري القديم لم يعد مناسبا للمدينة ولا أساليب جودة الحياة، وأعتقد انه حان الوقت لإزالة أحياء الشرقية، واليمانية والسلامة والشهداء الجنوبية، والسلامة حيث إن الشوارع في هذه الأحياء عرضها 6، 8, 10 أمتار ولم تعد مناسبة لحركة المرور ولا الأمن للمشاة ولعل الأمل أن يعاد تخطيطها بعد الإزالة كما صار في جدة ومكة والرياض.
3 - إعادة النظر في العديد من القصور الملكية التي مضى عليها أكثر من أربعين عاما وهي خالية من السكن وتحتل مطلات جميلة في الهدا والشفا، ولعل لدى الهيئة ما يمكن من استثمار هذه القصور في مجالات السياحة.
4- في الامكان تطوير المنتزهات الوطنية في مدينة الطائف وما حولها من المحميات وكذا الخاصة ولعل من أهم ما يلزم ابعاد الاقفاص الحديدية والشبوك التي أحاطت بكل المنتزهات وجعلتها أشبه ما تكون بالأقفاص.
اسألوا بنات الطائف عن مغاني غديرهن ومسارح الجمال في المثناة وجبل السكارى، والردف والعقيق والهدا وديار أم النبي حليمة السعدية وحارة البخارية وأم خبز، اسألوا مرابع سوق عكاظ، فرايات الإبداع فيها ترفرف بصحوة رائدة تطوي سنوات من غمط الحق وإغفال مساحات وساحات للفكر والتطوير.
ستبقى الطائف محافظة ومدينة مكاناً للعيش الجميل دون حكر أراضيها فالدولة تملك التخطيط والتوزيع وللناس أملاكهم وأفلاكهم.