عثمان بن حمد أباالخيل
صدور الناس تخفي في بواطنها نوايا وأسراراً وخفايا لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى فكيف بمن يقرأ نوايا الآخرين حسب مزاجه وتوقعاته، النيّة الحسنة مطلوبة هذه الأيام في خضم التراجع في منظومة القيم الإسلامية التي أخذت اتجاهاً لا يعلمه إلا الله في عصر التواصل الاجتماعي وبعض التفكك الأسري وحب المال والذات والمنصب. من الطبيعي أن نتفق أننا لا نملك خاصية قراءة نوايا الآخرين وإن فعلنا يكون توقعات بناءً على تصرفات الآخر وأجزم أنه في معظم الأحيان خاطئ. من الحقائق الثابتة التي لا يشوبها شك وليست محل خلاف، أن النوايا من الأمور الغَيبيَّة التي لا يعلمها إلا الله تعالى، كما جاء في كتابه العزيز: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} (غافر: 19). لا يعلم خائنة الأعين وما تخفي القلوب إلا علاّم الغيوب، ومن الطبيعي أيضاً أن لا تدخل في نوايا الناس ومقاصدهم لأن هذا الأمر لا يعلمه إلا الله سبحانه ولكن الإنسان (كيِّس فطن) كما جاء في الأثر.
هل تستطيع قراءة نوايا إنسان آخر بسهولة؟ وهل لديك ذلك الذكاء الاجتماعي الذي يمكنك من معرفة نواياه وما إذا كانوا صادقاً معك؟ بعض الناس ينصّبون أنفسهم حكامًا على نوايا الناس، ويقول ابن القيم: «والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيّته في عمله، فكيف يتسلّط على نيَّات الخلق»، فمن الأخطاء العظيمة التي يقع فيها البعض الحكم على نيات الآخرين، وهناك شريحة من الناس لا تؤيّد حسن النوايا كثيراً والسبب دهاء الآخرين وسوء نوايا البعض منهم وتصرفاتهم وتلميحاتهم ولغة جسدهم التي تدل على النيَّة السيئة. شخصياً لدي القناعة الكاملة التي لا يخالطها الشك يجب علينا جميعًا الحذر من الدخول في نيَّات الآخرين والتشكيك بآرائهم ويجب الحذر من تصيُّد عثرات الآخرين والاصطياد في الماء العكر، وما أكثر الذين يصطادون في الماء العكر ويؤجّجون العثرات إنهم الانتهازيون الذين يروقهم ويبسطهم الألم من حولهم. لا تخبروا الناس بكل شيء جميل تملكونه، ليس الجميع لديهم حسن النوايا، بل معظمهم لديه الحسد والغيرة. - جبران خليل جبران.
للأسف وأقولها بحرقة ويقولها معي الكثيرون هناك من يتساهل في قراءة نوايا الآخرين ويبني عليها أحكاماً مسبقة بسوء الظن والجفاء والنظرة الدونية، قال تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. حس الظن والنيَّة الحسنة هي الأصل في تعامل الناس، (يا عالم الغيبِ ذنبي أنتَ تعرفُه) غازي القصيبي -رحمه الله. هناك قاعدة معروفة في الفقه (إن الأحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر). الله وحده يعلم ما تخفي الصدور.
وفي الختام كم هي المشاكل التي تحدث بين الناس بسبب سوء النيَّة وقراءة النيَّة، وكم هي التوقعات الخاطئة حين تقرأ النوايا وهل يحق لنا أن نحاسب الآخر على سوء قراءتنا لنواياه.
همسة: لا تدخلوا في نيَّات الآخرين وأحسنوا الظن.