سهوب بغدادي
فيما يهوي البشر من كل حدب وصوب إلى بلاد الحرمين الشريفين لأداء الحج والعمرة يتجلّى لنا عظم المسؤولية التي تتولاها المملكة العربية السعودية منذ أعوام لضمان نجاح المناسك وتوفير سبل الراحة وضمان الأمن والأمان لضيوف الرحمن، بلا شك أن الأعوام القريبة الماضية شكّلت تحدياً غير مسبوق في إدارة الحشود ومكافحة العدوى وأكثر، إذ خيمت الجائحة على العالم أجمع وانهارت اقتصادات وعانت بعض الدول الكبرى من قلة الأمان الطبي والمستلزمات الصحية الوقائية، فضلاً عن شح المواد الغذائية، فكان كل نطاق يجر النطاق الآخر للأسفل كسلسلة لا متناهية التداعيات، إلا أن المملكة الحبيبة تصدت بحكمة لهذه التداعيات وحاولت جاهدة أن توفر كل ما سبق للمواطن والمقيم و(المُخالف) وفوق ذلك كله، قامت بمد يد العون للدول المنكوبة والمتأثرة خلال الجائحة، وهو الأمر غير المستغرب منها ولله الحمد، في هذا الصدد، لفتني مقطع مصور للحاج من جنسية إفريقية الذي باع منزله للقدوم إلى بيت الله في مكة المكرمة، حيث تفاعل العامة مع قصته وعرض بعض الأشخاص عليه المساعدات المالية ليعود إلى بلاده وينعم بحياة كريمة، بغض النظر عن الحالة تلك بعينها، فمئات المسلمين يمرون بذات القصة كل عام لتوفير تلك الحجة اليتيمة لوالديهم أو لأنفسهم، حيث وردني أن تكاليف الحج لبعض الجنسيات العربية تصل إلى 10 آلاف دولار أو ما يزيد، وذلك أمر محدد ومراقب عن كثب بالتأكيد من الجهات المختصة، إلا أنه يستحسن أن يكون هناك مجموعة دول تحل كضيف شرفي للحج في كل عام بالتناوب، وتمتاز التكاليف حينئذ بانخفاض الأسعار في تلك السنة الخاصة بالدول التي وقع عليها الاختيار أو القرار، وفي ذلك قوة ناعمة من خلال المبادئ الدينية التي لطالما وظَّفتها المملكة للتعبير عن قيمها الممتدة من الدين الإسلامي السمح.