الموت حق.. ومن المؤلم أن يفارقنا إنسان عزيز على قلوبنا, نحبه كثيراً ونستشعر بألم الفراق به حين تختفي بسمته, وتتوقف ضحكته, ونفقد كلماته الحلوة, وتغيب جلساته التي تبث روح السعادة في النفوس والوجدان. فيغادرنا في حضرة الموت, أو الزائر الأخير.. هادم اللذات, ومفرق الجماعات, وميتم البنين والبنات..! دون سابق إنذار من دار الفناء, إلى دار البقاء.
فلا عجب إذاً أن الموت هو الحقيقة التي تقف امامها البشرية عاجزة عن الهروب منه, وكما قال الله تعالى {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} (78) سورة النساء، لأن الخلائق جميعا ما هي الا ودائع وأمانات في هذه الدنيا فمتى ما انتهى اجلها اعيدت انطلاقا من قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف.
في يوم الثلاثاء الموافق 11-9-1443هـ تلقيت ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الأخ العزيز.. والجار الغالي سعد بن محمد السدحان بعد معاناته مع المرض والفقيد -غفر الله له- كان صاحب خلق رفيع وابتسامة دائمة واستقامة في القيم التربوية الأصلية والشيم الفضيلة.. بروحه الاجتماعية العالية فنال حُب الأقارب والأصدقاء والاحباب وكل من عرفه عن قرب.. لنُبل تعامله وإحساسه الإنساني المرهف وطيبة قلبه وسلامة سريرته وبشاشته العفوية التي دخل بها قلوب الأحباب والأصحاب بلا استئذان أو خجل..!
علاقتي مع فقيدنا الغالي (أبومحمد) رحمه الله بدأت قبل أكثر من ثماني سنوات بحكم الجيرة عرفته رجلا صاحب خلق رفيع يقابل الصغير والكبير بوجه مبتسم وقلب منشرح وروح تمتلئ الطيبة المتناهية.. اكتسبت شخصيته كثيراً من الصفات الانسانية والاجتماعية من بساطة وابتسامة وكرم وجود وصبر وثبات وإيمان. ففي مرضه الذي بدأ معه قبل عدة اشهر ضرب أروع معاني الصبر والاحتساب والثبات في معاناته المرضية, فكان يردد ويذكر فضل الله سبحانه عليه حامداً وشاكراً لخالقه الرحيم, حتى وبعد تردي حالته المرضية وأوضاعه الصحية لم يشتك هماً ولا حزناً لأحد..! بل كان يشكو بثه وحزنه إلى الله عز وجل وحتى ومع شدة المرض كان صابرا محتسبا, حيث ظهر هذا الخلق العظيم وبان بعد تعرض ابنه الاكبر محمد لحادث مروري قبل سنوات وأقعده على سرير المرض بعد تأثره بالحادث المروع فكان الصبر والثبات والاحتساب عنوان تعامله مع هذه المصيبة والحادث المؤلم الذي تعرض لها ابنه الاكبر شفاه الله طيلة السنوات الماضية.
فما أصعب فراق الاحبة وفقدانهم الابدي عن هذه الدنيا الفانية وما أصعب غيابهم عن نواظرنا وهم من كان يشكل قطعة من الحب والفرح والسعادة والبهجة في هذه الحياة وإن غاب الجار العزيز ( ابو محمد) ورحل عنا وبات تحت الثرى, فإن ذكراه الطيب وسيرته العطرة باقية ردحا من الزمن تتعطر بها الألسن التي عرفته.
نسأل الله العلي القدير أن يغفر لفقيدنا الغالي (سعد السدحان) ويسكنه فسيح جناته. وألهم ابناءه وزوجته وأسرة السدحان الصبر والسلوان. والحمد الله على قضائه وقدره.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- خالد الدوس