د.نايف الحمد
جاء قرار غرفة فض المنازعات بشأن قضية توقيع لاعب الهلال محمد كنو لعقدين مع الهلال والنصر صادماً للوسط الرياضي وبشكل خاص لعدد من رجال القانون الذين وجدوا في قرار الغرفة أخطاءً قلبت موازين القضية وجعلت منها مثار جدل كبير بين المتخصصين وغيرهم من المهتمين والمتابعين بكافة أطيافهم.
دعونا نتفق أولاً أن اللاعب ارتكب خطأً بتوقيعه لعقدين لناديين، وهناك أنظمة واضحة تعالج مثل هذه الحالات استناداً لتوقيت هذا التوقيع.. لكن المسؤولية القانونية المترتبة على الناديين والعقوبات الصادرة بحق أيٍّ منهما يجب أن تستند إلى أدلّة قطعية في إدانة أي منهما إعمالاً للنصوص القانونية التي تنظّم وتنص على اتخاذ مثل هذه العقوبات.
في هذه القضية لم تكن القصة فقط باختيار ليلة العيد كتوقيت لإصدار هذا القرار والذي صادف إجازة رسمية، وكأنها حلوى تقدمها الغرفة لأحد أطراف هذه القضية بحسب وصف الزميل محمد الدويش.. ولا لكون هذه القرارات صبّت لصالح جانب واحد فقط، إذ أن العدالة هي المطلب بغض النظر عن المتضرر، لكن ما حدث فيها من خطأ في تكييف القضية برأيي وكذلك الاعتماد على قرائن لاترتقي لمرتبة الأدلّة أدى بالتأكيد لاتخاذ قرارات خاطئة!
من الطبيعي أن نرى بعض الاختلافات في وجهات النظر بين القانونيين في القضايا الرياضية وغيرها، لكن الخطأ عندما يكون في نصوص واضحة كتحديد الفترة المحمية والتي تبدأ بعد سريان العقد سيبدو الأمر محيراً ويحتاج لتفسير!
الهلال من جانبه دفع بعدم الاختصاص وهذا ما لم تلقِ له غرفة فض المنازعات بالاً وأصرّت على نظر القضية؛ وبالتالي أصدرت العقوبات على نادي الهلال بتعويض مالي قدره 27 مليون ريال بالتضامن مع اللاعب مع الإيقاف لفترتي تسجيل ووقف اللاعب أربعة أشهر.
الهلال لم يبدأ معركته القانونية بعد، وسيقدم استئنافه لمركز التحكيم الرياضي والذي من خلاله سنتعرف على كامل الدفوع التي تدعم رأيه في هذه القضية .. ثمة أمر آخر وهو ما أثبتته غرفة فض المنازعات من استلام كنو لمبلغ 7.5 مليون ريال من إدارة نادي النصر أثناء سريان عقده مع الهلال ما يعد انتهاكاً لمبدأ النزاهة في المنافسات الرياضية، وهذا البند خصوصاً سيمثل من وجهة نظري اختباراً حقيقياً لمدى التزام اللجان بحماية عدالة المنافسة وصرامتها في تطبيق هذه المعايير.
نقطة آخر السطر
دون أدنى شك أن قرار غرفة فض المنازعات لم يكن قراراً عادياً، فالبعض اعتبره قراراً تاريخياً، في حين يراه آخرون سقطة في تاريخ الرياضة السعودية واللجان القانونية الرياضية ! وبين هذا وذاك لا يساورني شك أن هذا القرار سيُنقض؛ لكني أتمنى أن نتعلم الدروس من هذه القضايا، فالأخطاء واردة ولا يمكن لنا أن نعود للوراء لتعديلها لكننا نستطيع عمل مراجعات بهدف تقوية اللجان القضائية وإسناد مهامها لأصحاب الكفاءة والخبرة المتسلحين بالمؤهلات العلمية والتجارب العملية، خاصة ونحن نتحدث عن لجان قضائية مهمتها ترسيخ مبدأ العدالة وإرساء قواعدها.