إبراهيم بن سعد الماجد
في شهر رمضان من كل عام يكثر العطاء، ويجود الخيرون بمالهم، على الضعفاء ويواسونهم، فيفرحون بهذا العطاء، وإن كان أغلبه إن لم يكن كله، هو حق مفروض من الله، بل هو ركن من أركان الإسلام (الزكاة) فلا جود ولا فضل لأحد أعطى.
فالجود الحق لمن يعطي من ماله، لا من زكاة ماله.
هذه المقالة ليست للحديث عن الزكاة، وإنما عن مواساتنا للمحتاجين، التي لا تأتي إلا في شهر رمضان، وكأن هؤلاء الناس لا يظهرون في الوجود إلا لشهر واحد في السنة!
المحتاجون للعطاء هم في الحقيقة أحوج ما يكونون حاجة في مواسم مختلفة من العام، كفصل الشتاء، وأشهر الدراسة، وغيرها من أيام السنة، لكن المؤسف أننا لا نتذكرهم إلا خلال شهر رمضان، وتذكرنا لهم لا جود لنا فيه، وإنما كما أسلفت هو فرض من الله.
إن الجواد الحق هو من يتلمس حاجات المحتاجين طوال العام، ولا ينتظرهم أن يسألوه، بل يبادر بالعطاء، فيبدأ بالأقارب والأصدقاء، ثم الأبعد فالأبعد.
يقول خالد القسري (تنافسوا في المغانم، وسارعوا إلى المكارم واكتسبوا الجود حمدًا، ولا تكتسبوا بالمال ذمًا، ولا تعتدوا بمعروف لم تُعجِّلوه، واعلموا أن حوائج الناس نعمةٌ من الله عليكم فلا تملُّوها فتعود نِقَمًا).
وفي أبيات تنسب لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه:
مالي عليّ حرامٌ إن بخلتُ به
وصاحب البخل بين الناس مذمومُ
مالي أشحُّ بمالٍ لستُ أملكهُ
والمالُ بعدي إذا ما متُ مقسومُ
فالجود الحق أن تجود من مالك الذي أعطاك الله إياه، لا من المال الذي فرض الله عليك إخراجه.
إن دفع الزكاة لا يُعد جودًا، بل عبادة، بل أداء لركن من أركان الإسلام، فهو كالصلاة المفروضة، فهل نقول لمن يؤدي الفروض الخمس فقط أنه عابد؟ الجواب بكل تأكيد لا، فهذه واجبة لا يستقيم إسلام المرء بدون أدائها.
نعود إلى باعث هذه المقالة وهو أن يكون عطاؤنا طوال العام لا خلال رمضان فقط، وأن نجود بمالنا لا بزكواتنا فقط.
والنقطة الأهم ألا ننتظر المحتاج أن يسأل، بل نتلمس حاجاتهم، ونسأل عن ظروفهم، ونبادر بالعطاء فرحًا بعظيم الجزاء من الله الذي أعطانا كل ما نملك، فلا فضل لنا فيه.
تلمس حاجات المحتاجين لا يقوم بها إلا من وفقه الله لتذوق طعم نفع الناس (خير الناس أنفعهم للناس)
إنها دعوة لك يا من وهبه الله من فضله.. تذوق طعم تلمس حاجات الناس، دون أن يسألوك، فو الله أنك ستجد لها طعماً خاصاً، وستجد لها بركة في مالك ووقتك وعيالك.