سليم السوطاني
أؤمن كثيراً بحرية الفرد، وبأنه ليس في حاجة ملحة إلى السير خلف الحشود لكي يكون في مأمن من سطوتهم، أو لِيَسْلَمَ من أذيتهم!
بعضهم ربما يتبع الحشود من باب الاتكالية، ولأنه اعتاد على هذا الأمر، فهو لا يقرّر في أي أمر؛ وإنما هناك من يقرّر عنه، وإذا وقع الجميع فإنه لا بد سيقع مع الجماعة، وإذا نجوا فهو من الناجين، ولا ضير عنده في ذلك ما دام هو من ضمن الحشود، وذلك - بحسب ما يراه - يقلّل من قلقه.
إن هذا الأمر - ولا ريب - يعد ضد استقلالية الفرد!
منذ قديم الزمان يحاول الإنسان الحصول على حريته بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، ومن دون تدخل أحد في قراراته أو آرائه، بل إنه يقاوم كل من يحاول أن يستعبده ويجعله من ضمن الحشود الذين تُمْلى عليهم الأفكار من دون أن تكون لهم وجهة نظرهم الخاصة أو رأيهم الشخصي.
الاستقلالية حق لكل إنسان، كفلها الدين وكذلك النظام، فلماذا يمضي بعضهم مُغمَضي العينين مُغلَقي البصيرة خلف مجموعة من الناس هي من تفكر بالنيابة عنهم؟!
مهم جداً أن يتخلص الناس من تبعية الرأي الواحد، بل والتخلص من القاعدة التي يستشهد بها المغلوبون على أمرهم، والتي تقول: «الموت مع الجماعة أرحم»! هذه القاعدة لا تصح مع العقل ولا ترقى بالرأي ولا تتوافق مع حرية اتخاذ القرار الذي يرتئيه الإنسان في شؤونه وأمور حياته.
وفي هذا الزمن، الذي طغت فيه الثورة التقنية، وخصوصاً في جانب التواصل الاجتماعي، يجب على الإنسان أن يتروّى في معالجة أي أمر، وأن يناقشه بينه وبين نفسه، وبعد التمحيص والتفكر يتخذ قراره بعيداً عن التبعية لأحد أو تأثيره أو محاكاته.
من وجهة نظري، في هذا الزمن تعددت التبعية، وأصبح كثير ممن يتبع غيره من دون تفكير يفعل ذلك من باب المجاملة أو من مسارب النفاق، وهو في دخيلة نفسه مخالف لهذا الرأي!
خُلق الإنسان ليكون حراً في اختياره، مستقلاً برأيه وإرادته وحياته، ولا يقاسمه في خيارات حياته أحد.
من الغباء أن يتنازل الإنسان عن حريته ويمنح حق اتخاذ قراراته للآخرين، ويسير خلفهم من دون رشد ولا وعي.
لِيَكُنِ الإنسانُ مستقلاً، ويتحمَّل مسؤولياته بعيداً عن أهواء وأمزجة وتوجهات الآخرين.