لا سواه، ومن هذه -المفردة- أسدي بجزئية بيان عن ذاك الـ(بيان).. العظيم/
العطاء البشري، وأخص ذاك الذي يأخذ بمجامع أعجبك درجة أن تستشهد به و(1) بأكثر من موقف، تلفاه نادرًا، أقولها بلا امتتار(2)
وبناء على ما تقدّم وأرجو أن لا يكون هاريًا أو يزلفه جرف انبهاري عن الاعتدال في الثناء.. بيت لشوقي يمدح به نبي الله وخير خلق الله كلّهمُ- صلى الله عليه وسلّم-:
ما عرف (البلاغة) ذو بيان
إذا لم يتخذك له كتابا
وقد يقف التعبير أن يحاكي تجلية مرامي هذا الإنشاء، إنما لآخذ منه طرفًا أبسط به كليماتي، وأتشفّع لمولاي بما أحبّر عن كتاب ربي هنا، فأقول عن القرآن/
ما عرف البلاغة ولا دلّ طريقها من لا ينهل منك، فيداني أن يحاكيك (3)، يجدّل من جلالك(4)، أو على الأقل يحاول أن يطاول بعنق ما لديه الثريا وهو يستشفّ منك، وكم توقفت أول ما طالعت في سنين طلبي بيتًا للمتنبي وهو يبني/
ضاق بي ذرعا من أن أضيق به
زمني، واستكرمتني الكرام
وبالتأكيد نهل من الآية {سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} (77) سورة هود، والشواهد على نمط كهذا تندّ عن الحصر..(5)
والمرء مهما أوتي من القدرات لا ولن يبلغ العشر من عظمة (نسق) كتاب الله، مهما بذل و.. ولا العشير، أو عُشرا من العُشر..!
ولعل آية {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ } (34) سورة الطور، فـ(..أنَى لمخلوقاتٍ لله أن يأتوا بكلام مثل كلام الله مهما كانت قوة قريحتهم وفصاحتهم؟!)، وعلى هذا أغلقت الطريق على من اضطلعوا غرور ذاتهم مركب قدراتهم اللغوية من أن يتمّوا المسير.
لكن (كلنا) نحاول تشرّفًا بما يمدّنا به كتاب ربنا من معالم على طريق صياغتنا ودروب تعابيرنا وفُجج مما يُفتح علينا من القول نثرًا وشعرًا.. أن نبني كما بنى الكتاب العظيم، بخاصة وفي افتتاح بعض سوره تلفى (ألم) (كيعص) ألخ.. أي تفضّلوا من هذه، فهنّ لبناته، فما عساكم فاعلون؟
للِهِ درّ من نبّه لهذه الجزئية «كلام ربنا من أحرف وخلقه ادم من تراب
ونحن كلامنا من أحرف وننشىء من التراب (الفخار) أشكالاً كالزير.. فنسبة كلام ربنا وخلق آدم عليه السلام من التراب مثل نسبة كلامنا البشري وما نحترفه من هذا الفخار» فـ.. يا للمفارقة -والله- لكن لنا أن نستلهم من التدبّر في آياته..كل واردة تمرّ على أذهاننا، أو نصطاد من شوارد ما تقع عليه جملنا، فنجعلها نصب مجهودنا عسى نبلغ بعضًا، على مبدأ (سددوا وقاربوا) فإن لم تستطيعوا الأولى ولن تستطيعوا، فعليكم بالأخرى.. فهي مجيرة وعذرًا عن التقصير، كي.. نمير بها عطاءنا، ونُنير إبداعنا فحسب.
[3 :49م, 21-9-1443هـ] أبو زياد: فذاك المرتقى الذي لن نبلغ طول جباله ولا في خرق عميق أرضه، فكلنا (لو جُمع عطاؤنا)، ثم وُضع في بوتقة واحدة، لخجل أن ينزل الميدان، فكيف به أن يمضي في عدو ذلك حُقبًا؟
إنما نبقى في صدد المحاولة، والتي هي أيضًا تعود القهقرى إذا ما رأت بأم عينها بُعد شأو من تجرّب مباراته، أو تنبري لمجاراته.
وكم ممن اغترّ بعطائه وتمطّى بما أوتي من بيان.. فإذا هو أوّل من يقرّ فيعترف (6) أو يقرر بُعد التمايز مما أقدم عليه وبين باسقٍ (..فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) البروج (22)(7)
ملحظ جليل وقعت عليه/ أن (كلام الله منزل ومخلوقاته مخلوقة)، هو «جواز التعوّذ -القسم- بكلمات الله»، دلالة أنها ليست مخلوقة، ولا غرو فهذا ليس كلام بشر، بل هو كلام رب البشر، الذي طلب(9) سبحانه وتعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء، ولا يغيب عن الواعي أنه لا يطلب -لا يقدم - على هذا.. سوى الواثق من صنيعه، ألم تخبر الآية ({ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} (2) سورة البقرة، أو شك يطاله من نقص أو تقصير أو خلل.. ألخ.
*) عمد سلف الأمة على إيقاف مفردات مما لها دلالات لمرام واحد كـ(علم) عليها، فالحديث هو كل حديث (مستجد) لكن المفردة أوقفت على السنّة النبوية، الفقه وهو الفهم.. لكنه أوقف على الفقه الشرعي، حتى الكفر وهو ضد الإيمان ولم يأخذ معنى آخر -لغويًا- سوى كفر النعمة..!، وخذ ألفاظًا ينسحب عليها ما تقدم/
التشريع.. الفرض الواجب...ألخ .
** **
1) الواو هذه لها عملها.. فإذا قلت/ تستشهد به (و) بأكثر من موقف فأنت تقصد أنك (تؤكّد) استشهادك به بالأولى، وإذا حذفت الـ(واو) فتقصد احتمالية استشهادك به -من قبل-
2) حُذّر المؤمن بأن لا يكون من الممترين.
3) تشفعا من طرف معنى/ تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم..
4) لصاحبنا وأعني به (شوقيّا) -أيضًا- أبيات في هذا/ آياته كلما طال المدى جدد يزينهن جلال العتق والقدم... ألخ
5 ) من اللطيف أن ذاك الراعي الذي قال به جرير (غض الطرف).. كم يستجلب البيت للذهن الآية {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}!
6) المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام.
لم يتفق القضاة على أن (الاعتراف سيّد الأدلّة).. من فراغ، فالعرب سبقوا (الاعتراف هادم للاقتراف).
7) ذكر الطبري من الأقول في تفسير الآية «لوح محفوظ من الزيادة فيه والنقصان منه عما أثبته الله فيه».