عبدالله عبدالرحمن الغيهب
الحرص الحماس الإخلاص الجد الاجتهاد كلها طيبة ومرغوبة لما ينتج عنها من أمور تدفع بالعمل نحو الكمال، فالمعلم المخلص والطالب المجد والمزارع المجتهد والموظف المتحمس وغيرهم من مفكرين وصنَّاع ومسؤولين وأطباء ومدراء الجميع مطالب بتأدية عمله على أكمل وجه لتستمر المسيرة ويعلو البناء وهي أمانة تؤدى على الوجه الصحيح ورحم الله امرأً عمل عملاً فأتقنه، فالتهاون في أداء الواجبات يخل بمنظومة الحياة ويعوق المسيرة لما يحصل بسببه من اختلال يضر بالبناء، وفي المقابل نجد أن الإفراط في أداء المهام المشار إليها يندرج في مفهوم قلة اليقين، وكمثال تربية الأبناء إذا زادت عن الحد المعقول قد تضر ولا تعود بفائدة، نعم الإنسان يريد أن يصبح ولده في دراسته وتربيته بمستوى عال وأن يحوز أعلى الشهادات والتخصصات العلمية، ومن أجل ذلك يندفع الوالد لدرجة الإفراط ناسين أن لكل إنسان إمكانياته العقلية وأن التفوق مرهون بقدرة الخالق، فأنت لا تستطيع أن تجعل من ابنك شخصاً متميزاً وهو لم يوهب هذه الخاصية فإذا طالبته بأكثر من قدراته فأنت مفرط وهو ما يعني عدم اليقين بما قسمه الله، فلكل مخلوق قدراته الذهنية
وصورة ثانية تقل الأمطار وتصبح الأرض جرداء فيتنادى الناس لحماية الشجر مدعين أن الإبل أكلتها ولهذا يريدون طردها من مفاليها لحماية المتبقي من الشجر وهم بهذا يحرمون تلك المخلوقات من الرعي بقصد الإبقاء على تلك الشجيرات منظراً يتسلّون برؤيته غير عابيئن بتلك المخلوقات التي أنبت الله الأرض من أجلها ظناً منهم أن انحسار النبات بسبب الرعي الجائر ولذا يريدون حمايته لمنظره وإصحاحاً للبيئة ويغاب عنهم أن ما يصيب الأرض من تصحّر هو لحكمة يعلمها الله فليست البهائم من أوجد هذا التصحّر ولو شاء الله لجعلها خضراء غنَّاء بشجرها ومائها، ومن اعتقد غير ذلك يعتبر فعله من فرط الحرص المؤدي لعدم اليقين، أما ما يغرسه الإنسان فله حمايته وإن تركه ابتغاء الأجر فهذا من الأعمال التي جاءت السنة بفعله، وخلاصة القول علينا الحرص في كل الأمور وتجنب الإفراط الذي يؤدي لقلة اليقين.