عثمان بن حمد أباالخيل
لا أُغرّد خارج السرب، يقدَّر الهدر الغذائي في مملكتنا الغالية بحوالي أربعة ملايين وستة وستين ألف (4.066.000) طن وهو رقم كبير جدًا، أما القيمة الإجمالية للهدر فتقارب الـ40 ملياراً و480 مليون ريال سنوياً في عام 2021 ميلادية، والذي مردّه الأنماط الاستهلاكية التي تدفعنا إلى التباهي والإسراف. الهدر الذي أقصده وغالبية المجتمع بحاجة إليه، إنه الهدر العاطفي. نسبة مئوية مرتفعة من شرائح المجتمع بخيلة ولا تعرف معنى الهدر وربما تعرفه لكنها لمْ تتعلَّم كيف تمارسه ولا تعرف ماهيته. لست قاسياً لكنه الواقع الذي نعيشه هدر في الطعام وبخل في هدر العواطف الإنسانية.
الحب أسمي وأرقى العواطف الإنسانية، الحب من المعاني العظيمة التي يسعد الإنسان بها والتي تقرِّب بين الناس، حب الزوج لزوجته، حب الأم لفلذات كبدها، حب الزوجة لزوجها، الحب بين الإخوة والأخوات، الحب بين الأصدقاء، الحب بين الناس عموماً. كم نحن بخلاء في أسماع من نحب كلمات الحب التي تدخل القلب وتريح العقل وتشرح الصدر، لماذا يتردد بعض الأزواج في أسماع زوجاتهم كلمات في الحب كلمات تجعل الحياة الزوجية أجمل. ولماذا يستغرب الأبناء والبنات حين يسمعون والدهم يقول ويردد عبارات الحب والمشاعر الإنسانية لزوجته، المُعلّم والمعلمة لماذا لا يزرعون في عقول وقلوب الأطفال تلك الكلمات الجميلة التي لها أثر طيب على نفوسهم. الحب بين الناس، من الطبيعي أن يكون الحب المقصود هنا الحب المباح الذي شرع في ديننا الإسلامي الحنيف.
الحب في البيت ينعكس إيجابياً على نفسية الأطفال، وعلى تحصيلهم الدراسي، وعلى تطور شخصيتهم ونظرتهم للحياة ويكون دافعاً قوياً لبناء أسرة متماسكة محبة للسلام، وعلى الوالدين أن يبرهنوا ذلك الحب بالعبارات والهدايا، فالهدية من هديه - صلى الله عليه وسلم - التي حضَّ عليها، حيث قال: (تَهَادُوا تَحَابُّوا) رواه البخاري في الأدب المفرد، ومالك، وصححه الألباني. أستغرب من تلك البيوت التي تنعدم فيها عبارات الحب والمحبة فماذا تحِل مكانها، لماذا لا نُعوّد ونتعوّد تريد تلك العبارات والكلمات التي تجعل القلوب أكثر حباً وإشراقاً.
وفي الختام أتمنى أن يكون هناك هدر في الحب كما أن البعض يجيد الهدر الغذائي وشتان بينهما، على ثقة إن الحب لا يقدر بمليارات الريالات، ولا يطغى نور الحب إلا أولئك أصحاب القلوب القاسية التي تحجّرت قلوبهم، بل قلوبهم أقسى من الحجر. إنها دعوة للآباء والأمهات والأبناء والبنات والعمات والخالات والأجداد والجدات والأحفاد افتحوا قلوبكم للحب ورددوا كلمات وعبارات الحب والمحبة فيما بينكم وفي محيطكم تحصوا العطاء والإخاء والسلام والمودة.
(أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا
لولا الشعور الناس كانوا كالدمى)
- إيليا أبو ماضي