عبدالعظيم العويد
لن أنساها له..
من جاء ليواسيك لم يأتِ لمصلحة، ولم يبحث عن عنوان للمجاملة، أو ورد لجميل، ولم يتكلف لما أنت عليه من منصب أو جاه أو شهرة وغيرها من أمور الحياة.
لا أنساها له..
من جاء بصدق المحبة في الله، وصدق الموقف، ولمن احتوى ألمنا وحزننا ووجعنا، وبقي معنا رغم صعوبة ظروفه.
لن أنساها له..
من لا عذر عنده ولا سبب يمنعه ولا ظرف قاهرًا يعجزه أن يتواصل أو يكتب أو يرسل حتى ولو في أصعب الظروف، ولمن يشبهني قلباً وروحاً، لمن يقرأ صمتي، ولمن يعرف عفويتي وبساطتي دون تكلُّف!! لن أنساها له..
لمن أقول له ما في قلبي دون تردد، لمن أتحدث معه بلا قيود أو حواجز أو حدود!!
لمن إن خانني التعبير معه لن يخونه فهمي، وإن أخطأت في مفرداتي أحسن الظن بي..
فمواقف الجبر في لحظات الانكسار لن تُنسى، والنفس السويّة بفطرتها لا تنسى، والسعادة هي أنْ تَكسب أشخاصاً لا يجيدون التصَنُّع، ولا يتلاعبون بالأقنعة.. فمَنْ صاحب الإنسان الصالح سعد برفقته، وانتفع بصحبته. وإن لم تجد الرفقة الطيبة فاصبر ولا تحزن؛ فالوحدة خيرٌ من جليس السوء،
وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا المرء لم يرعاك إلا تكلفا
فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة
وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه
ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
فلا خير في ود يجيء تكلفاً
ولا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده
ويظهر سراً كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا
فالصداقة الحقيقية تنير الحياة، وقليلٌ مَنْ يقدرها. ولا شك أن الصديق الصالح عملة نادرة، خاصة في هذا الزمان. وقد أحسن مَنْ قال: «ما أُعطي المسلم بعد الإسلام نعمة أفضل من صديق صالح».