عثمان بن حمد أباالخيل
إذا المرء لم يمدحه حسن فعاله
فمادحه يهذي وإن كان مفصحا
بيت شعر للشاعر عبدالله بن المقفع، وصف دقيق للإنسان الذي يترفع عن التلميع والتطبيل فما يقوم به ويفعله أسرع من التلميع. لست ضد التلميع إذا كان المُلمّع يستحق ذلك، شخصيا مع التلميع الذي يعلوه بعض شوائب الدنيا والذهب يستحق التلميع بين فترة وأخرى أليس كذلك. وهناك منهم في الظل ويستحقون التلميع دون معرفتهم، وما أجمل التلميع إذا كان هدفه تقديم خدمة من مبدأ أحب لأخيك ما تحبه لنفسك. روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». المهم لا تُلمّع نفسك على حساب الآخرين، ولا تطلب من الآخرين تلاميع حياتك. إننا حينما نقرأ في الصحيفة أو في وسائل التواصل الاجتماعي أو اللقاءات على اختلافها أو نسمع في الفضائيات تمجيدا لزيد أو لعبيد نتضايق ونصاب بالضجر والملل. كونه تمجيدا غير واقعي ومدحا زائفا. ويسقط من أعيننا هذا الكاتب أو ذاك المادح أو ذلك الإنسان الذي طبّل ولمع من لا يلمع.
ولن يحوي الثناء بغير جود
وهل يجنى من اليبس الثمار
أبو العلا المعري
يساورني الشك أن التلميع وسيلة يستخدمها الناس من المجتمع للمدح لا لناس لا يستحقونه لأسباب مختلفة ومنها المصالح الشخصية ولا أعرف كيف يتلقى المُلمع ذلك التلميع الذي يفوق وضعه وقدرته ليتي أغوص في أعماقه لكي أعرف حقيقة شعوره. عن أبي بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رجلاً ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويحك! قطعت عنق صاحبك..» -يقوله مراراً- «إن كان أحدكم مادحاً لا محالة فليقل: أحسب كذا وكذا إن كان يُرى أنه كذلك، وحسيبة اللَّه ولا يزكى على اللَّه أحد» (متفقٌ عليه). يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه أكبر الألقاب ولكن الاحترام لا يشترى بمال بل يُكتسب بحسن الخلق ورقي التعامل وقوة الإنجاز فإذ سمحت أن يلمعك الآخرون أرى إنك شوهت صورتك الجميلة التي لمعتها بنفسك تلميعاً حقيقياً لا تطبيل فيه ولا حب الظهور. المتخصصون في التلميع يلمعون من لا يستحق التلميع ويسبغون عليه صفات ومزايا لو قرأها هو شخصيا عن نفسه لن يصدقها إنها قمة الأنا غير المحبوبة. «المصلحجية» بالعامية، أو المتزلفين بالفصحى يفرشون للآخرين طرقا وردية سريعا ما تذبل تلك الورود ليتحول الطريق إلى طريق صحراوي غير معبد وعر.
التطبيل والتلميع وما في فلكهما واقع يعيش بيننا في تفاصيل حياتنا، (حب الذات هو كرة منفوخة بالهواء، تخرج منها العواصف إذا ما ثقبناها)، هناك من يستحقون التلميع إنهم المبدعون الحقيقيون الذين يعيشون خلف الكواليس والذين يستحقون التلميع الحقيقي في وسائل الإعلام على اختلافها.
همسة:
(لمّع نفسك بما تقدم ولا تترك للآخرين يلمعونك).