صبار عابر العنزي
القيلولة غفوة قصيرة من النوم لمدة 10 إلى 20 دقيقة لاستعادة النشاط وتصفية الذهن، فترة يخلد فيها الإنسان إلى السكينة للاسترخاء والاستراحة، أو للتأمل والتفكير، أو لتفريغ شحنات الهواجس والقلق ...
وللقيلولة أنواع ثلاث أولاً, المبرمجة والمخطط لها سلفاً أوقات نحن نقرر أخذها حتى قبل أن نشعر بالتعب، وذلك كخطوة استباقية لتوفير الطاقة، ويجعلك تبقى مستيقظاً لفترة طويلة ليلاً...
ثانياً : القيلولة الطارئة، عند الشعور بالحاجة الملحة إلى إغماض عينيك، فهذا يعني ضرورة وعليك أخذ قيلولة طارئة إذ يقوم جسمك بإظهار علامات الإرهاق حتى تستجيب لها بغلق عينيك على سبيل المثال، عندما تشعر بذلك أثناء القيادة، فعليك التوقف في أقرب مكان آمن والنوم لبرهة من الوقت...
ثالثاً : القيلولة المعتاد عليها، وهذا النوع هو الأكثر شيوعاً بين الأطفال، لأنه حدث يتكرر في وقت محدد كل يوم، ولكنه ليس حكراً على الصغار, واعلم أنك إن عوّدت جسمك على أخذ قيلولة من هذا النوع، فإنه سيطالبك بالحصول عليها في الوقت المحدد ولن يهدأ لك بال ولن ينام لك جفن حتى تُمكنه من مراده، فكن مستعداً...
للقيلولة فوائد والعديد من المزايا للبالغين الأصحاء مثل، الاسترخاء، تقليل الإجهاد، زيادة اليقظة، تحسن في المزاج، أداء أفضل، ردود فعل أسرع وذاكرة أفضل... أما عيوب القيلولة، فهي لا تناسب كل الأشخاص، فبعض الأشخاص قد يتعذر عليهم النوم أثناء النهار أو يواجهون مشكلات في النوم في أي مكان غير أسرَّتهم الخاصة التي يحتاج إليها نوم القيلولة...
القيلولة أي النوم في وسط النهار، هي استراحة محدودة اعتاد سكان المناطق الحارة على ممارستها للاستراحة من القيظ ومشاغل اليوم، وقد اعتبرت رمزاً للكسل عند بعض الشعوب حتى ثبت علمياً في السنين الأخيرة فوائدها وأهمية اعتمادها في مجتمعاتها...
وقد أضافت بعض المصانع اليابانية فرصة للقيلولة وأثبت أنها تزيد من إنتاجية العمال، وأنها حاجة فسيولوجية يحتاجها الجسم لتنظيم دورة أعماله، وهناك بالفعل ساعة بيولوجية توجد في مجموعة من الخلايا تقوم بالإشراف على مختلف العمليات الفسيولوجية أثناء اليوم (درجة حرارة الجسم، ضغط الدم، إفرازات العصارات الهضمية)...
والشائع هو وجود حالة صغيرة من النعاس في فترة أواسط ما بعد وقت الظهر، مبرمجة ضمن هذا الإيقاع اليومي، ولذا فإن إغفاءة القيلولة هي واحدة من الوسائل التي تتيح اجتياز هذه الحالة، وهناك عدة أسباب أخرى غير الساعة البيولوجية قد تتطلب النوم وقت الظهيرة مثل الأرق والمعاناة من قلة النوم الكافي أو العميق وقد تكون من علامات اعتلال الصحة، فالنعاس أثناء النهار، مثلاً، هو أحد أعراض مرض باركنسون (الشلل الرعاشي)...
كما ثبت أن الرجال الكبار في السن ترتبط إغفاءة النهار المنتظمة لديهم مع حالات السكري، الكآبة، والآلام المزمنة، بافتراض أن هذه العلل تؤدي إلى التأثير على النوم الليلي...
ويلجأ إلى القيلولة، عادة، للاستراحة وتجنب الحر، أو للهضم بعد الأكل، أو للراحة بعد النشاط الجسمي والذهني المكثف في الصباح، دون أن ننسى، طبعاً، دافع الكسل والخمول خاصة ما بين الساعة الواحدة والساعة الثالثة بعد الظهر...
أما أماكن القيلولة فتختلف حسب الظروف، في الهواء الطلق أو أماكن مغلقة، على فراش النوم أو على ما توفر، في وضع جلوس أو امتداد أو كيفما اتفق حتى ولو وقوفاً وهذه الأماكن غالباً ما تكون: المنازل، مقرات العمل، الحدائق العمومية، المساجد، وسائل النقل، تحت ظل الأشجار الوارفة في البوادي، على شاطئ البحر...
أخيراً تقول الشاعرة موضي البرازية بيتاً شعرياً يصور ذلك الإنسان الذي لا يعي ولا يدرك ما حوله:
اللي يتيه الليل يرجي النهارا
واللي يتيه القايلة من يقديه؟