د.سماح ضاوي العصيمي
ينشط سماسرة الأفكار التحريضية في مناطق النزاع وتتلقفهم بعض القنوات الإخبارية ذات التوجه الاستخباراتي لإستراتيجيات محددة، يتصدرون بها اللقاءات الرئيسية والحوارات الحصرية؛ برأس مال يقدمه هؤلاء السماسرة من أفواج الشباب المشبع فكريًا والموجه جسديًا والمغسول روحيًا ضد نفسه ومجتمعة وبيئته والإنسانية جمعاء، فرواد ثقافة السمسرة ومن على نهجهم من ناشطي بيع الأفكار في متاجر مناطق النزاع يدركون تمام الإدراك أن السلم الدولي واستقرار الدول ناتجه يخلص بكساد تجارتهم وذوبان منهجهم، فإصلاح المجتمعات وتنظيمها هي محارق لأفكارهم وزلازل تُطمر بها نواتهم الفاسدة.
فمن يقتات ويبني ثراءه وشهرته على آلام الشعوب ومآسي الأوطان والإخلال بأمنها يظهر في هذه القنوات بمُنظر وخبير فكري، ومن يعارض السلم القومي لوطنه ويجيش يوافع الفكر وتضليلهم بديناميكية مُعدة سلفًا تحت أقبية الزور والتحريض أصبح محللاً سياسياً رفيع الطراز، وما هم في الحقيقة إلا سلسلة إمداد تصدر القيح الفكري لكل الأديان والأوطان المستقرة.
فمن الملمح أن أباطرة الارتزاق في العالم بدورهم يرعون مناديب في مناطق النزاع وبؤر الحروب من ذوي تشكيل ثقافي أشبه بهيكل عصابة ومنهج عمل تابع لهم من خلال نوافذ التحيز الإعلامي وقنوات التهيج والتحريض وجميعهم في نقطة التقاء: (تقويض السلم الدولي وتدويل المال في السوق السوداء وتنشيطه).
بيد أن الثورة الفكرية والنهضة التي أحدثها ولي العهد محمد بن سلمان آل سعود من خلال التغيرات الاقتصادية والإصلاحات التنظيمية والقانونية والاجتماعية، والهمة العالية الدؤوبة في تحقيق هدف النهوض باقتصاد متعدد النمو والإيرادات وبمجتمع شغوف ومتطلع، ألهم كثيراً من الحكومات والشعوب العالمية على طرح رؤية سموه واستراتيجيته على طاولة النقاش والدراسة والحذو بها كمثل ميداني ومنظومة متكاملة لرؤية متكاملة وشاملة. هذا الإلهام العالمي بدوره هو مكافحة مباشرة وغير مباشر لسماسرة الأفكار الهدامة والثقافة المتطرفة أينما كان مجالها، وكاشفة لاختزالاتها المنظورة والخفية؛ مما أطرهم بالتوتر والتخبط والإحباط والعصبية الفكرية اللاواعية التي تصب حتمًا في أخدود الفشل والنبذ الثقافي.