د.شريف بن محمد الأتربي
يومًا بعد يوم تتزايد الهجمات الإلكترونية سواء على مواقع التواصل، أو الحسابات الشخصية وحتى البريد الإلكتروني بهدف الاستيلاء على بيانات الأفراد ومن ثم ابتزازهم لإرجاع هذه البيانات، ولم يقتصر الأمر على الأفراد فقط، فقد تجاوزه إلى المؤسسات الحكومية والشركات وكافة القطاعات؛ رغبة من هؤلاء في تحقيق أكبر سرقة مادية ممكنة من المستهدفين.
وبالأمس كنت أستمع إلى مقطع في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي لحديث بين شخص يدّعي أنه من مركز المعلومات الوطني، والمتصل به شخص من المملكة العربية السعودية، حيث حاول منتحل الصفة أن يحصل على بيانات بطاقة الصراف الآلي من الطرف الآخر الذي - ولله الحمد- كان حذقًا وذكيًا ولم تنطلِ عليه الحيلة التي اتبعها هذا اللص، وما همني في هذا المقطع هو العبارة الأخيرة التي قالها اللص حين سأله المتصل به: لم تعد حيلتكم هذه تنطلي على أحد فقد تنبّه العالم لما تفعلونه، فكان الرد: المغفلون كثر. الآن الطيبة أصبحت تغفيلاً، يا أخي ألا تخاف الله ألا تخاف حسابًا، ألا تدري أن هذه الأموال ربما لتسديد دين، أو شراء دواء، وقد تتسبب بفعلتك هذه في سجن شخص بريء أو وفاة مريض، ألا تعلم أن جزاءك في الدنيا القتل؛ فقد أفسدت حياة الناس، وخربت معيشتهم لتستمع أنت وعصابتك بصرف أموالهم على الملذات والشهوات، بل والعاهرات؟
إن ما نراه اليوم هو قمة التقنية السوداء التي تضر مستخدمها أكثر مما تنفعه، وتدمر حياته أكثر مما تبنيها، نريد تقنية بيضاء تسهم في بناء الإنسان والمجتمع، وتساعد في تحقيق أهداف الدول، لا نريد أن نزرع الشك دائمًا في نفوس المواطنين عند تلقيهم أي اتصال من أي جهة بحيث يصنفهم العقل الباطن بأنهم مجموعة لصوص أو مدعون، فكثير ما تحاول جهات حقيقية التواصل مع المواطن، ولكنه يخاف من التقنية السوداء، يخاف أن يورط أو يورط غيره في مشكلة هو في غنى عنها.
وحتى تتحقق هذه التقنية البيضاء نحتاج إلى تشديد القوانين وتنفيذ سريع للعقوبات، فعقوبة السرقة الإلكترونية تتساوى مع عقوبة السرقة العلنية، فليكن قطع يد السارق خير جزاء له على ما اقترفه من إثم، وإن عاد أو ساعد أحدًا آخر على الفعل نفسه فليكن القصاص العادل، فقد أصبح المواطن لا يأمن على أمواله ولا معلوماته بسبب هؤلاء اللصوص الذين يغزون مملكتنا من كل حدب وصوب، ونحتاج أيضًا أن نصل إلى كل المواطنين كبيرهم وصغيرهم بإعلام فاعل توعوي عن مثل هذه الأفعال المجرمة، استخدموا الوسائل المتاحة كافة، واستحدثوا وسائل جديدة سواء لإعلام المواطن، أو لمكافحة مثل هذه الجرائم.
{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } سورة المائدة أية (33).
حفظ الله بلادنا وأهلنا من كل مكروه وشر أراده بهم الأعداء.