عثمان بن حمد أباالخيل
(الخَطُّ يَبْقَى زَمَانًا بَعْدَ كَاتِبِهِ
وَكَاتِبُ الخَطِّ تَحْتَ الأَرْضِ مَدْفُونًا)
بيت شعر للشاعر أبو العلاء المعري ومن روائع الشعر العربي الذي خلّده التاريخ (363 هـ - 449 هـ)، بيت شعر عمره يزيد عن 1000 عام ولا يزال يذكر ويرجع إليه ويستشهد به. بيت شعر يتحدث عن جمال الخط العربي المبني على لغة القرآن الكريم، لغتنا الجميلة. جمال الخط العربي متنوع تنوع الخطوط العربية التي منها الخط الكوفي، وخط الرقعة، وخط النسخ، وخط الثلث، والخط الديواني، والخط الحر. عبر التاريخ الإسلامي هناك خطاطون مسلمون وعرب وسعوديون في جميع البلدان أجادوا في خطوطهم ومنهم خطاط المسجد النبوي شفيق الزمان ولكن، هل سبق أن تساءلت عن الجهد المبذول وراء تصاميمه التي تشد الناظرين إليها؟ كذلك الخطاط عثمان بن عبده بن حسين بن طه الحلبي اشتهر بكتابته لمصحف المدينة النبويّة الذي يصدره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. هناك عدد كبير من الخطاطين السعوديين الذين نفتخر بهم في العصر الحالي. ترى هل مادة الخط والإملاء لهما دور كبير في مدارسنا؟ هؤلاء الخطاطون خلدهم التاريخ وسيخلدهم التاريخ في قادم الزمن لا أنهم تركوا أثراً طيباً.
الروائيون، الكُتاب، الباحثون، كُتاب القصة، وكل من يمسك القلم ويكتب حياة الإنسان فانية وما يبقى سمعته العطرة سمعته النظيفة، والسمعة الطيبة لا تشترى بالمال حين لا ينفع المال. والسمعة الحسنة بعد وفاة حياة أخرى حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). العلم الذي ينتفع به وليس العلم الذي يهدم ويدمر الإنسان. للأسف هناك بعض الكُتاب والروائيين والمثقفين من يكتبون أو يؤلفون ما هو خارج القيم الإنسانية ويقتحمون الثالوث المحرم (الدين الجنس السياسة). ظانين أنهم يبحثون عن الشهرة السلبية ونسوا سمعتهم وما سوف يتركونه بعد وفاتهم. لا يُجزعنا الموت ولا يثنينا عن استمرارية الحياة وعمارتها، ننتظره، فهو إلينا أقرب من حبل الوريد، مهما بلغنا من العمر عتيا سنرحل، ومهما ملكنا من كنوز الدنيا ما تنوء من حمله الجبال ومن قصورها وبساتينها سنغادرها، ومهما كنا في بروج وحصون مشيدة سيدركنا، نؤمن أن الموت حق وأنه، لكل أجل كتاب، ولكل إنسان نهاية لكن الحياة الأخرى تبدأ بعد وفاته حين يكون قلمه الذي ترك العنان له يكتب ما شاء تذكر أنك محاسب ولن يخلدك التاريخ.
العلاقة بين الخط والقلم هي علاقة تكاملية، صاحب الخط وصاحب القلم يكملان بعضها البعض ويضفيان جمال الخط وجمال الأسلوب.
وفي الختام بين الولادة والوفاة يبني الإنسان سمعته فلا تترك قلمك يشوه سمعتك وصورتك في مجتمعك وفي محيطك. (أفضل طريق لاكتساب سمعة جيدة أن تحاول الظهور بالشكل الذي تريده أنت) سقراط.