رقية سليمان الهويريني
مفهوم العيد قديم قدم البشرية، فقد عرفت الشعوب الأعياد بأنواعها، وامتد هذا المفهوم حتى وقتنا الحاضر, وكل الأعياد غالبا لها أساس ديني أو بيئي يرتبط بمظاهر الطبيعة مثل مواسم الأمطار أو الحصاد. وعادة تقترن الأعياد بجميع أشكالها بذبح الحيوان وأكل الطعام وارتداء الملابس.
وقد حصلت أكبر احتفالية لعيد الفطر في العصر العباسي. حينها انتشرت عادة تبادل الزيارات العائلية ولبس الثياب الجديدة، ومد الولائم في بيوت الأغنياء، وتجول الأطفال في الشوارع حاملين الهدايا أو طالبيها. كما ظهرت الأكلات ذات المذاق الحلو بسبب تفشي الغنى واليسر الذي تميز به معظم سكان الدولة العباسية آنذاك.
أما العصر الفاطمي في مصر؛ فكان عيد الفطر من أكبر الأعياد. حيث ظهرت المواكب، ونشر الخلفاء الفاطميون عادة إقامة مأدبة عشاء ليلة العيد يصل طولها إلى مائتي متر وعرضها أربعة أمتار. وفي صبيحة العيد يخرج الخليفة الفاطمي في موكب مهيب لتأدية صلاة العيد يعقبه مد مائدة الخليفة الكبيرة التي تزينها الأزاهير والرياحين.
والحق أن العيد موسم فرح وبهجة، وسرور المسلمين به تحديدا هو شعور منهم بإكمال الطاعة، ونيل ثواب أعمالهم بفضل الله. وحقيقة العيد مشاعر وليس اجتماعات ولقاءات فقط! فحين يهل العيد، وأنت بخير وأحباؤك ينعمون بالصحة وراحة البال والاستقرار؛ تشعر بفرحة العيد وتنتابك مشاعر الغبطة والشكر لله عز وجل أن أتم نعمته عليك ورزقك بأسرة صغيرة تعيش في كنفها ويتفيأ أعضاؤها ظلالك ودفئك، كما تحمد ربك أن جعلك فردا من عائلة كبيرة تأنس بقربهم ويتحسسونك إذا غبت، كما رزقك بأصدقاء يشاركونك أفراحك وأتراحك ويربتون على قلبك قبل كتفك. وحين يكون كل هؤلاء حولك وفي قلبك وفؤادك، كما أنت في وجدانهم؛ تشكر ربك وتحمده. وتتضاعف لديك فرحة العيد حين تستشعر أن لك وطنا تسكن فيه وتنعم باستقراره وتعيش بأمن وأمان وطمأنينة؛ فهذا عيد دائم لا ينكره إلا جاحد.
وقد ودعنا شهر رمضان الكريم واستقبلنا عيد الفطر المبارك؛ أهنئ قراء الجزيرة ومنسوبيها، كما تمتد التهنئة لكل مواطن في بلدي يقاسمني حلاوة المواطنة وطعمها اللذيذ، وإشراقة شمس عيده الساطعة.
فكل عام وأنتم بخير وصحة وعافية وراحة بال.