«الجزيرة» - الثقافية:
بعد حضوره على استحياء على في خضم الأدب السعودي، هيئة الأدب والنشر والترجمة تشعل شرارة أدب الخيال العلمي والفانتازيا، حيث عقدت مؤخرًا لقاءً افتراضيًا مفتوحًا بعنوان: «أدب الخيال العلمي والفانتازيا»، بمشاركة نخبة من المختصين والمهتمين، وذلك لمناقشة تحديات المجال وسبل تطوير مخرجاته الإبداعية في تحقيق التطلعات المستقبلية، وقد تناول اللقاء مقترحات عدّة أبرزها: استحداث جائزة أدبية كبرى متخصصة في هذا اللون الأدبي، وتسويق الأعمال المحلية وإبرازها في المكتبات ونقاط البيع، إلى جانب تعاون الوكلاء الأدبيين في بناء خطة تسويقية وتطويرية لأعمال الكتاب، وإعداد ورش عمل ودورات تدريبية لصقل المواهب الإبداعية، أما الاقتراح الأهم في هذا الميدان فهو: المشاركة في المؤتمرات الدولية المتخصصة لفتح آفاق أكبر للتجربة المحلية، وهو المحور الأهم في دعم الأعمال الإبداعية السعودية وتسويقها على الصعيد الدولي.
فيما شدد المشاركون على ضرورة أن تسهم هيئة الأدب والنشر والترجمة في إبراز كُتَّاب هذا المجال وتسليط الضوء عليهم من خلال الوسائل الإعلامية ومشاركتهم في المحافل الأدبية المحلية والعالمية، للحديث عن تجربتهم وآخر إصدارتهم، خصوصاً مع كثرة القُرّاء الذين يفضّلون أدب الخيال العلمي والفانتازيا.
وقد شهد اللقاء الحديث عن تسويق الأعمال المحلية وإبرازها في المكتبات ونقاط البيع مع ضرورة عمل الوكيل الأدبي على التعاون مع الكتّاب لبناء خطة تسويقية وتطويرية للعمل الأدبي من خلال ترجمته ووصوله للمتلقي.
وحيث تطرق المشاركون لأهمية ورش العمل والدورات التدريبية في صقل المواهب، مع أهمية دعمهم بترشيحهم للمشاركة في المؤتمرات الدولية المتخصصة للاحتكاك مع أصحاب التجارب العالمية لفتح آفاق أكبر للتجربة المحلية. واقترحوا إقامة ورش كتابة بتعاون مشترك مع بعض الجهات العلمية وهيئة الفضاء السعودية، لتعزيز فكرة البحث العلمي وللولوج لأسرار ونوافذ تفتح مجالات أوسع للكتابة في تخصص أدب الخيال العلمي والفنتازيا.
وشددوا على أهمية تحويل روايات وقصص أدب الخيال العلمي لأعمال مرئية في السينما والتلفزيون أو لمطبوعات الكوميكس والمانجا، وأن ذلك سيسهم بشكل كبير في تعريف القراء بالأسماء السعودية المتخصصة في الكتابة بهذا المجال أسوة بالتجارب العالمية.
وأدب الخيال العلمي يعرف في اللغة الإنجليزية بمصطلح Science» Fiction» ويشار إليه اختصاراً بـ «Sci-Fi» أو «SF»، وهو نوع من الفن الأدبي الذي يعتمد على الخيال، ويعرّف معجم أكسفورد أدب الخيال العلمي بأنه: «خيال يتعامل مع مكتشفات ومخترعات علمية حديثة بطريقة متخيلة»، ويعرِّف سعيد علوش رواية الخيال العلمي بأنها: «تستبق الأحداث العلمية بتخيلها، وهي تصوِّر أحداث الغد، مع التأكيد على عنصر التحوُّلات الإنسانية».
أما نشأة الخيال العلمي على المستوى العالمي فكانت على يد الفرنسي جول فيرن ويعد مؤسس الخيال العلمي، وقد نشر العديد من الروايات والقصص في هذا الميدان، من أبرزها روايته: (خمس أسابيع في منطاد) المنشورة عام 1863م، أما الإنجليزي هربرت جورج ويلز، فيعده البعض المؤسس الحقيقي لأدب الخيال العلمي وكانت لروايته: (آلة الزمن) عام 1895م، حضور قوي جدًا، وكانت هي صاحبة الحظوة في هذا المجال وجابت شهرتها الآفاق، فيما تلتها: (جزيرة الدكتور مورو)، و(حرب العوالم)، إلا أنهما لم يستطيعا أن يزيحا (آلة الزمن)، عن عرش الريادة.
وقد استطاع الروائي البريطاني آرثر سي كلارك وهو صاحب الروايات الأعلى مبيعًا في الخيال العلمي، وقد ارتبط اسمه برواية: (أوديسا الفضاء) المنشورة عام 2001م، هذه أبرز الأسماء التي سجّلت بصماتها في ميدان الخيال العلمي على الصعيد العالمي وخصوصًا في مرحلة التأسيس، ولكن ماذا عن أدب الخيال العلمي في المملكة العربية السعودية، فهل لدينا أدب خيال علمي؟
سجل الخيال العلمي حضوره في المملكة ولكن على استحياء، حيث حققت روايات سعودية حضورًا ولكنه ضعيف جدًا من ناحية الكم لا الكيف، ولعل أول رواية في أدب الخيال العلمي على مستوى الروايات السعودية هي سلسلة «سعوديات»، للروائي خالد بن عبدالكريم الحقيل، فكانت البداية برواية: « المنشق» عام 2008م، تلتها رواية: «فارس» عام 2009م، ثم رواية: «الشبهاء» عام2010م، ثم رواية: «مهمة في بوشهر» عام 2018م، ومن روايات الخيال العلمي والفانتازيا التاريخية، ما كتبه أشرف فقيه في روايته: (رسم العدم) عام 2021م.
ولعل بعض الجهات الفكرية شاركت هيئة الأدب والنشر والترجمة في الاهتمام بأدب الخيال العلمي، حيث سبق أن أقامت مكتبة الملك فهد الوطنية تحت مظلة جسور، عقدت «بيت الرواية» ورشة «فن كتابة رواية الخيال العلمي»، عام 2019م، في قاعة الاجتماعات بمكتبة الملك فهد الوطنية، وكانت الورشة الأولى من نوعها التي ينظمها بيت الرواية لهذا الفن الروائي النادر، قدمها الروائي: خالد بن عبدالكريم الحقيل الذي ربط الخيال بمعطيات العلم، وما تضمنه تجربته الروائية الوحيدة في مسيرته الأدبية، التي ركزت على ثلاثة محاور رئيسية ناقشت آثار روايات الخيال العلمي على التطور البشري، وأسس وفن كتابة هذا النمط من الروايات، إلى جانب إلقاء الضوء على تجربته في كتابة روايته: «المنشق».
وتسعى هذه المبادرات الفعالة إلى إحياء هذا النمط غير التقليدي في الأدب السعودي وتعزيز حضوره على الصعيد المحلي والدولي.