بكل أمانة كنتُ نويتُ أن أكتبَ مقالا يخصّ فنون جدة المبدعة ورمز الوفاء د. مها لأبيها الراحل رائد الفن التشكيلي في المملكة والعرب... ولكن؟!
الساعة الثانية عشرة منتصف ليل الفِراق بتاريخ 21 أبريل من عام عشرين واحد وعشرين، تصفّحت عدد مجلتي الثقافية بصحيفة المجد الجزيرة العريقة، كالعادة أبدأ بإمضاء زاوية الدكتور إبراهيم التركي ومنها لبقيّة الحوارات والملفات المهمة في الثقافة والأدب والفكر والفن التشكيلي فأرى ما يصنعه الزملاء الأعزّاء من إبداع.
فهناك الرويلي محمد الهادئ تعاملا المثير جدا في الكتابة الصحافية، وفي طرف الجَنَاب (1) في الضفّة الأخرى المدخلي جابر وما يتميّز به من حوارات رصينة مُحلّقة وتدهشني حروف الخديدي فيصل ونثر اللوحات المتألقة على كامل المجلة لــتزداد جمالا على جمال ولكن في تلك الليلة الصادمة التي هزّت كيان مشهدنا الثقافي والإعلامي وضجّ المثقفون والآكاديميون بالمقالتين بالاستغراب والاندهاش، وتتداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مقالتي أستاذ الجيل خالد بن حمد المالك وبعدها العرّاب إبراهيم التركي نثرتْ من قلبي دمعة حزينة مستغربا مستلهما سائلة في وجوم معقولة ألاّ نرى «إمضاء» بعد ذلك تحرّك طوفان الحروف أمامي، وسكن الجنون سلامي، فعدّتُ لقراءة المقالين المالك والتركي فهما مذهبان أدبيان إعلاميان على خارطة المشهد الثقافي السعودي والعربي...
فالصدمة كما هي، نفس ما فهمته بالضبط أن الدكتور إبراهيم التركي حبيبنا ترجّل عن صهوة المجلة التي ارتبط بها وارتبطت به قرابة الثلاثين عاما!
على الفور ذهبتُ لحسابه في منصّة الواتساب محاولا ثنيه عن ذلك، ولكن كعادته بخلقه وأدبه وتواضعه ردّ عليّ وداع مفارق فذابت وردة الحرف على إصبعي في شاشة هاتفي، وكأن الوقتَ توقّف، والسطور تصرخ، والقلب كاد يخرج من مكانه، تركته بأدب عدتُ له بعد ساعة تقريبا تزيد أو تقلّ كثيرا، المهم حين أقبلت وكأن قواميس اللغة عندي توقّفت فهداني الله بكتابة:
(على الأقل دكتورنا عطنا فرصة
نلتهم الصدمة
طلبتك يالغالي التفكير بالأمر
طلبتك بحرفك دكتورنا)
وكأني تلميذٌ أمام أستاذه يترجّاه ألا يرحل لمدرسة في مدينة أخرى، أو وطن آخر، فنحن ومعي جيش من المبدعين وكل الحروف، والسطور، والآساليب اللغوية ستنخ مطايا رِكَاب الثقافة عند سُدّة قلب د.إبراهيم التركي فبإذن الله لايردّنا خائبين فنحن نحبّه وحرفه وفكره....
سطر وفاصلة
أبصرتُ ريحانةً تتراقص على اسمٍ
سررتهُ في قلبي
اقتربتُ منها سكنت، هممتُ بالرحيل
تمايلت، فرقصتْ!
قلت: سأوشوشها، سألتها عند ثمرها:
كيف عرفتِ أن حبيبتي اسمها..؟
فصافحت خَدّي، تقبّل شفاتي، شممتُ عطرها، فنهضت واستقامت وقالت:
لأن عينيك بالحُبِ مبتسمتان
غارقتان في بحر الهوى
وكفى!
** **
- علي الزهراني (السعلي)