علي الصحن
كان عبدالله المعيوف في بداية العشرينات قبل (16) عاماً، عندما لفت الأنظار كحارس شاب توقّع له البعض مستقبلاً جيداً، حتى وإن كان في منظومة فريق يضم حينها محمد الدعيع أحد أفضل حراس القارة، وعندما وصل الحارس الشاب إلى الفريق الأول بدا له أن فرصته في المشاركة تضيق يوماً بعد يوم، ولأن الطموح سيتوقف عندما تكبله العاطفة، فقد شد المعيوف رحاله ويمم صوب الأهلي، في علاقة امتدت لما يقارب الـ (9) مواسم شهدت تحقيق الفريق الأهلاوي لبطولة الدوري في موسم 2016 وهي البطولة التي لم يحققها منذ موسم 1983 ولم يحققها بعد ذلك حتى اليوم.
كتبت في هذه الزاوية -بتاريخ 13-09-2007- وعندما نسق الهلاليون حارسهم الشاب (آنذاك) عبدالله المعيوف: «أتوقّع أن يحقق الحارس الشاب عبدالله المعيوف نجاحات لافتة مع أي فريق يلتحق به مستقبلاً، وأن يندم الهلاليون كثيراً على التفريط به!»، وهذا ما حدث فقد قدَّم المعيوف نفسه كما يجب مع الأهلي، وبعدها وجد الهلاليون أن فريقهم يحتاج إلى حارس مرمى بعد اعتزال أسماء، وعدم القناعة الفنية بأسماء أخرى، ولم يجدوا أفضل من ابن النادي عبدالله المعيوف لمفاوضته، وطلب عودته، وهو ما حدث ففي أغسطس 2016 أعلنوا التعاقد مع المعيوف بعد نهاية علاقته التعاقدية مع الأهلي، في عقد يمتد لعامين امتدا بعد ذلك حتى يومنا هذا.
الأسبوع الماضي احتفل المعيوف بلعبه المباراة رقم (200) مع الهلال، وبعد نهاية مباراة فريقه أمام استقلول دوشنبيه رفع قميصاً يحمل اسمه والرقم (200) وخلال هذه المشاركات حقق المعيوف كل ما يتمناه لاعب كرة القدم، فقد حقق البطولات المحلية بمختلف مسمياتها، والبطولة الآسيوية ولعب في كأس العالم للأندية، وكل ذلك تحقق غير مرة، فضلاً عن قدرته بمساندة زملائه على الحفاظ على شباكه نظيفة في عدد كبير من المباريات.
المعيوف مثال للاعب الملتزم الذي لم يضع سقفاً للطموح، في الموسم الماضي تراجع مستواه بشكل ملحوظ، وتزامن ذلك مع تراجع في مستوى الفريق، حتى إنه تأهل للدور الثاني من دوري أبطال آسيا من عنق الزجاجة، ولقي المعيوف انتقادات واسعة من الهلاليين، وظن الغالبية أنه قد توقف ولا مفر من خلع القفاز إلى الأبد، لكنه خالف كل الآراء وعاد هذا الموسم ليقدِّم مستويات رائعة، ويتوِّج ذلك بالمشاركة الفاعلة في تحقيق بطولة آسيا وكأس السوبر، والتأهل لنهائي كأس الملك، والمنافسة على لقب الدوري.
يتميز المعيوف بهدوئه التام وبروده وقدرته على التعامل مع المباريات مهما تقلّبت ظروفها وتغيَّرت أحوالها، وهو حارس مرمى لكنه مثال مميز للقدرة على بناء اللعب والمشاركة الفاعلة في رسم تكتيك الفريق ومفاجأة الخصم، وكم من هدف هلالي أو هجمة شديدة الخطورة وصلت إلى مرمى الخصم من ثالث أو ثاني لمسة بعد إرسالية المعيوف، أما هدوئه وحضوره الذهني اللافت فيظهر في عدة مناسبات نذكر منها اللقطة الأشهر (فاول السد) ونذكر الكرة التي تغيّر اتجاهها في لقاء الترجي لحساب بطولة العالم، فضلاً عن تميزه في المواجهات التي تصل إلى ركلات الترجيح إن في المرمى أو في التسديد.
يصف الهلاليون حارسهم الكبير بـ : «المعيوف راعي المعروف» في إشارة واضحة إلى ما قدَّمه للفريق خلال مشاركاته التي وصلت إلى (200) مباراة، وتقديراً منهم للحارس المميز الذي ظهر في زمن ندر فيه الحراس المميزون، وكفى ناديه البحث عن حارس أجنبي، وكان حاضراً في كل الإنجازات التي حققها الفريق خلال السنوات الأخيرة.
ما يقدِّمه المعيوف يجب أن يكون درساً لكل لاعب شاب، فقد وضع هدفاً وعمل لأجله ووصل إليه.