لقد فضّل الله سبحانه وتعالى رمضان على سائر الأشهر، وفضل منه لياليه العشر الأخيرة، وفضل منها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، لقد اختار الله تعالى ليلة لنزول كتابه الكريم خيرَ الأزمان وأفضلَها، وهو ما أوضحته السورة الكريمة، إذ بينت أن القرآن أُنزل في ليلة القدر، وأن ليلة القدر خير من ألف شهر، وأنها محلُّ تنزل الملائكة ونزول الرحمات.
من أيام رمضان ولياليه، اختارالله تعالى ليلة القدر لتكون مباركة مما يجعلها تساوي ألف شهر، واختيارها على أنها اللحظة التي اختير فيها نزول القرآن من السماء إلى البشرية لأول مرة. والميزة الأساسية لليلة القدر أنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن الكريم، وكلمة «ليلة القدر» معناها ليلة «الحكم» أو ليلة «التقدير» أي التي يُقدر الله فيها ما يشاء من أمره إلى مثلها من السَّنة القادمة، وقيل إن ليلة القدر معناها ليلة الشرف والمنزلة العظيمة. هي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم، سميت بهذا الاسم «القدر» لأنها ليلة ذات قدر، أي لها شرف ومنزلة حيث نزل فيها كلام الله.
في شهر رمضان المبارك تجتمع أعظم العبادات من قيام الليل والصدقة وقراءة القرآن وصلة الأرحام والذكر والاعتكاف والبر والإحسان. وفي رمضان نفحات عظيمة لا نجدها في أي شهر آخر، ففيه ليلة القدر خير من ألف شهر.
إن كلمة ليلة القدر تحمل معني أكبر من الكلمة اللفظية حيث يقدر في هذه الليلة أجل وعمل وخلق ورزق ما يكون في تلك السنة وعظمة ليلة القدر لا يمكن تحديدها بمفهوم العظمة عند البشر بل بحدود هذا الفضل وهذه العظمة عند الله تعالى وهي بالطبع أكبر وأعلى حيث تبلغ ألف شهر ما يقرب من أربعة وثمانين عاما، وهوعمر من يأخذ حظه من الحياة، أي أن ليلة واحدة في رمضان تساوي عمر الإنسان كله، تعادل أكثر من 83 سنة.
تعتبر ليلة القدر من الليالي العظيمة التي تميزت عن غيرها من ليالي شهر رمضان بالهداية والعطاء القرآني، فليلة القدر أفضل الليالي التي وهبنا الله، لها فضل عظيم في الدنيا والآخرة ومنحة إلهية، وسميت بذلك بعظيم قدرها وشرفها والله يقدر فيها أمر العباد إلى السنة القادمة وليلة القدر باقية إلى قيام الساعة.
الزمن يدور والحياة تسير، والليلة المباركة في شهر رمضان، تزيد الصائم من الإيمان وتدفعه إلى البر والإحسان، وتأخذه إلى الرحمة والغفران وترشده إلى العتق من النيران.. وليلة القدر عظيمة المنزلة، رفيعة الشأن، من حاز شرفها فاز وربح، ومن فرط فيها خاب وخسر، لأن العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر.