عبد الله سليمان الطليان
تأخذ كلمة الأرستقراطية معاني مختلفة في التعريف، ولكن هنا سوف نشير إلى أرستقراطية المال والثروة التي هي الأمنية التي يسعى إليها أغلب البشر منذ زمن قديم وهي ليست وليد الحاضر. فنرى معركة الحياة حتى يومنا هذا والجميع في لهاث نحو تحقيق أو بلوغ تلك المنزلة أو الدخول في دائرتها، والذي قد يتحقق للبعض عن طريق التجارة أو عن طريق الشهرة الإعلامية التي تتعلق بالتمثيل أو الرياضة والأزياء، والذي نراه الآن في زخم هائل وقوي. أجساد فارغة الفكر هي تكاد تكون الطاغية على المشهد الإعلامي بقنواته المختلفة كافة.
تتراكم الثروة عند تلك الأجساد وتزداد، فتبحث عن الترفيه والتسلية بصورها كافة حتى لو كانت مكلفة وذات سعر باهظ الثمن، هذا الترفيه الذي يمكن أن يمر في لحظة أو يدوم ساعات أو يومًا فقط بعدها ينتهي معها الأثر في داخل تلك الأجساد التي عند البعض منها وصل إلى حد التشبع من الملذات التي تختلف من بيئة إلى أخرى وبحسب ثقافة المجتمع، ونجد هذا التشبع يؤدي أحيانًا إلى زهق النفس وتدميرها ولعل هناك شواهد في حاضرنا خاصة فيما يتعلق بالتمثيل، فلماذا يحدث هذا؟ يعود إلى عدم الاهتمام بأرستقراطية الفكر التي هي مجال واسع تعطي للنفس البشرية تميزًا وارتقاء روحيًا يجعل العقل في اطمئنان داخلي، وهذا يأتي عندما تخرج هذه النفس من دائرتها الضيقة في الاهتمام بمتع الجسد بشكل كبير إلى النزوح نحو عالم ثقافة العقل التي ترشده أنه لم يخلق عبثًا وأنه مثل البهيمة، التي مع الوقت ومع الاستزادة بعمق وتمعن منها سوف توصله إلى بر السعادة الحقيقية التي يبحث عنها.