علي الخزيم
صباح العيد - أعاده الله سبحانه على الجميع بالسلام والخير والبركات - تشرئب أعناق وأبصار الصغار لاستقبال الهدايا من الألعاب والحلويات والنقود والورود؛ وكلٌ يُقدّم ما تجود يه نفسه وبحسب مقدرته ولا يلام من لا يستطيع فتكفي منه الابتسامة الصادقة والكلمة الطيبة، غير أن ورودًا من المفترض تقديمها لمن يستحقونها طيلة أيام العيد وسائر أيام السنة؛ لأنهم يصنعون للأسرة وللأقارب والمعارف وللمجتمع وللوطن ما يرقى إلى استحقاق الأوسمة، وحري بنا أن نلتفت إلى هؤلاء من الأنقياء الطيبين والمخلصين بأعمالهم ومهامهم؛ الأوفياء لدينهم وقيادتهم ووطنهم وإخوانهم المواطنين، فعلى سبيل المثال أرى أن تُقدَّم أطيب ورود العيد:
- لأبطال المملكة على كل الحدود والثغور ولاسيما الحد الجنوبي، ولكل أبطال القطاعات السَّاهرين على أمننا وراحتنا، تَلفَح وجوههم أشعة الشمس الصيفية وهبوب الرياح المُغبرة، تركوا والِدِيهم وأزواجهم وأطفالهم، نشاهد مقاطع لهم وهم كالأسود يدافعون عن الأرض والديار، ونحن - ولله الحمد - ننعم بالملذات والأطايب والنوم بأجواء مُكيَّفة الهواء، فلهم أطيب الورود وأزكاها عطرًا.
- لمن عزم صادقًا على تطهير قلبه وتزكِيَة نفسه من كل الشبهات والآثام والزلَّات، بترك الشقاق والحسد واصطناع العداوات والتكبُّر على الأخوة والأقارب، وبدعوى التقدم بالسن وادّعاء أن له الحق الدائم بالتقدير والتوقير حتى وإن خالف العُرف وما يندب إليه الشرع، فالسنون وحدها لا تُبرر كسر القواعد المألوفة وسلب الآخرين حقوقهم، وانتقاص قدرهم؛ فلمن زكَّى نفسه عن تلك الشوائب باقة عابقة تليق به.
- لمن أدرك وأيقن وآمن بأن الصيام تطهيرٌ للوجدان والمشاعر والأفئدة والنفوس قبل أن يكون تنظيفًا لمسارب الدم وتجديد وظائف الأعضاء، فلا تكتمل الفضيلة بطول البقاء بالمساجد دون ورع، والتسابق والتفاخر بتكرار ختم القرآن الكريم بلا تدبُّر، واحتلال الأماكن بالصفوف الأولى لصلاة التراويح والقيام، إنما إذا كانت هذه الطاعات بوجهها الأقوَم، ثم اكتست بلِين الجانب مع الصغير والتواضع للكبير، وحسن التعامل مع الأهل وسائر خلق الله حتى مع الطير والحيوان، والجزم بالاعتقاد أن الصيام من الشرع وأن الشرع قد أمر بمكارم الأخلاق، وأن رسول الهدى عليه أفضل الصلاة والتسليم صرَّح بهذا بكل وضوح.
- لمن بذل وأعطى - على الرغم من قلة ذات اليد - سرًا لا يعلم بصنيعة أقرب الناس إليه هربًا من شوائب الرياء وتصنّع الظهور، يتحسس أحوال الأقارب والمحيطين؛ يَجْبُر ما استطاع كسرهم ويُقِيل عثراتهم ويسد رَمَقَهم، ويرفع رأس كريم خفضته العوز، ويُعزز نفس مُتعفِّف كسرتها الحاجة، ويُضمّد جراح أرملة ضاقت بها الأرجاء، ويمسح (بالسّر واللطف) دمعة أيتام لا يملكون ثوبًا جديدًا أو لعبة مُفرحة.
- ولكل ربّة منزل اجتهدت مع صيامها أو مع وظيفتها لإسعاد أسرتها من أطايب مطبخها، ولكل زوج يُقدّر جهد زوجته وزوجة تكرم زوجها، ولكل مُخلص بعمله بكل اتجاه وتخصص، فلكم أجمل الورود مع الدعاء إلى المولى سبحانه ان يتقبَّل طاعاتكم، وأن يمد بأعماركم لتعيشوا المزيد من الأفراح.