«الجزيرة» - سعد المصبح:
أطلقت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض معرضا للمصاحف الشريفة النادرة تحت إشراف المشرف العام على المكتبة معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر وعدد من المهتمين والباحثين، ويتضمن عرض مجموعات نادرة من المصاحف الشريفة، وذلك بمناسبة احتفاء المكتبة باليوم العالمي للتراث الذي يوافق الثامن عشر من أبريل من كل عام.
ويقام المعرض بقاعة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بفرع المربع، ويأتي في سياق المعارض النوعية المتخصصة التي تقيمها المكتبة إسهامًا منها في التعريف بالتراث العربي والإسلامي، حيث أقامت المكتبة من قبل معرضا للخط العربي، ومعرضا آخر عن العملات النادرة والمسكوكات الإسلامية عبر العصور.
وتقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مجموعات من المصاحف الشريفة كتب معظمها ما بين القرن العاشر إلى القرن الثالث عشر الهجري، وتتكون من (267) مصحفا، وتعد المصاحف المتحفية (20 مصحفًا) من أنفس المقتنيات، ومنها: مصحف شريف على شكل رول بطول 642.5× 17.7م بحيث تتخلله آية الكرسي وشيء من الزخرفة بشكل مفرغ بطول الرول، وقد زين بزخرفة نباتية ملونة ومذهبة في بدايته ونهايته وكتب المتن داخل إطارين مذهبين ونسخه فخر الدين السهروردي سنة 1284هـ.
ومن المخطوطات المميزة التي تقتنيها المكتبة: مصحف شريف يقع في (30) ورقة كل صفحتين متقابلتين تكونان جزءا كاملا من القرآن الكريم وقد زخرفت الورقة الأولى بزخارف نباتية رائعة استخدمت فيها الألوان الزاهية وماء الذهب، وباقي الصفحات جُدولت وذُهبت بالكامل وتحتوي الأطر الجانبية على زخارف نباتية ملونة ومذهبة ونسخ بخط النسخ سنة 1240هـ/ 1824م.
ومن أبرز مقتنيات المكتبة: مصحف كامل، من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، كتب بمداد أسود مضبوط بالشكل داخل جداول بالأحمر والأزرق، كتبت في شهر رمضان 1025هـ 1616م، بمكة المكرمة قبالة الكعبة المشرفة، مقابلة على نسخة كتبها العالم الرباني الملا علي القارئ المتوفى 1014هـ.
وكذلك مصحف كامل، من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، كتب بمداد أسود مضبوط بالشكل داخل جداول ذهبية، وعند بداية بعض السور هناك زخارف وزركشات نباتية وهندسية مزينة بماء الذهب وعدد من الألوان التنسيقية، كتبت سنة 920هـ الموافق 1514م، مجلدة بجلد مزخرف بأشكال مضغوطة.ومن المقتنيات البارزة أيضا مصحف كامل، من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، كتب بمداد أسود مضبوط بالشكل داخل جداول ملونة بالذهب والأخضر والأحمر والأزرق، أوراقه الأولى والأخيرة مزينة حواشيها بالزخارف النباتية المصبوغة بماء الذهب، وداخل الجداول تجاويف على شكل زخارف إسلامية، واللون الأزرق مستخلص من حجر الفيروز قد أعطى التزويق رونقاً جميلاً، كما أن في أوله فهرسة بأسماء السور كتبت بشكل مائل داخل مربعات صغيرة في غاية الجمال، بقلم الخطاط محمد شريف أفشار في جمادى الأول سنة 1270هـ الموافق 1853م. وهذه تعد من المخطوطات السلطانية. التي تكتب بعناية فائقة في مدة طويلة، كما أنها مجلدة بجلد مشمع بالكر، ووضع ورق الكلك المستخلص من قشور الأرز؛ لحماية الأوراق من تداخل الألوان، والمصحف في قطع (25 / 40سم) والمصحف محلّى بزخارف باللون الذهبي على شكل منمنمات وزهور تبرز فيها جماليات الزخرفة الإسلامية وبدايته تتشكل من صفحتين متقابلتين توجد سورة الفاتحة على اليمين ثم بداية سورة البقرة على اليسار.
المصحف التمبوكتي
ومن بين المصاحف التي تقتنيها المكتبة : مصحف شريف كتب في القرن 13 الهجري تقديرا، وهو مصحف تمبوكتي يتميز بحافظته على شكل حقيبة، وقد كتب المصحف على ورق مقوى باللون (البيج الفاتح) بخط عريض أسود مع وضع فواصل للآيات القرآنية بدائرة صغيرة بنية اللون وتشكيل الآيات بوضع علامات الترقيم باللون الأحمر الفاتح، كما تقتني المكتبة كذلك مصحفا آخر (تمبوكتي) وله حافظة ويشبه السابق تماما فيما عدا نوع الخط المكتوب به ويعود إلى القرن الثالث عشر الهجري.
كما تقتني المكتبة مصحفا شريفا مميزا كتب في القرن 13 الهجري تقديرا، فيه زخارف نباتية وهندسية مع تلوين وتذهيب بين الأسطح سحب ذهبية، في أولها قسم سورة الفاتحة قسمين، وهو مصحف شريف مكتمل استهل بسورة الفاتحة بشكل مزخرف ومنمق، والصفحة الأولى تنتهي عند (إياك نعبد وإياك) فيما تنتهي الصفحة الثانية بخاتمة سورة الفاتحة (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وقطع الصفحة في المصحف (40 / 20سم) والمساحة الكبيرة لأول صفحتين للزخرفة، وتتشكل ألوان الزخرفة من: الأزرق والأحمر والأبيض والذهبي، على شكل وردات ودوائر صغيرة وزهور تقترب من المنمنمات مما كان شائعا في القرن الثالث عشر الهجري وما ينتمي إلى الفنون الزخرفية العربية والإسلامية بما يتناسب مع الحروف العربية، وقد كتب المصحف بخط النسخ المعروف بامتدادات حروفه ووضوحها، وكتب باللون الأسود مع وضع علامات الترقيم كذلك باللون الأسود.
زخارف ومنمنمات
ومن مقتنيات المكتبة عدد من المصاحف التي كتبت في القرن الثالث عشر الهجري وأحدها يضم السور وكتاب (تفسير جواهر التفسير لتحفة الأمير)، ويتضمن ألوان الذهبي والأزرق والأحمر والأخضر، وشكل الصفحة يأتي على ثلاثة مستطيلات: المستطيل الصغير به الآيات القرآنية، والمستطيل الأوسط تفسير السور والآيات، والمستطيل الكبير يتضمن زخارف الصفحة.
وتتسم المصاحف التي تقتنيها المكتبة جميعا بنوعية الورق المقوى، مع أحجام متنوعة، وقد كتبت جميعا باللون الأسود، مع وضع علامات الترقيم باللون الأسود أو البني مع وجود زخارف لونية في كل صفحة تمثل طرز الفن الإسلامي والمنمنمات العربية والإسلامية التي تركز على الألوان المتكررة التي تشير دائما إلى عالم الزهور بألوانها المختلفة والطبيعة بثرائها اللوني الرحيب.
نسخة سلطانية
ومن المصاحف الشريفة التي تقتنيها المكتبة: مصحف كامل، من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، كتب بمداد أسود وماء الذهب وماء الفيروز، وضبط كلام الله بالشكل داخل جداول بعدة ألوان، والصفحات الأولى والأخيرة أكثر عناية بأشكال هندسية ونباتية مذهبة ومفيرزة، وهو النسخة السلطانية، مجلد بجلد طبيعي مغطى بالخشب وقد حفرت بعض مواضعه وبداخلها أشكال نباتية ذهبت لإعطاء جمالية كما أن له لسانا. كتب في القرن العاشر الهجري تقديراً (القرن 10 هـ تقديرًا) الموافق (القرن 16م تقديرًا) القرن السادس عشر الميلادي تقديراً.
وتتميز مجموعة المصاحف في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجملة من الأنواع يمكن تناولها بعدة صيغ. إما من نوع الخط أو إقليم كتابته أو تاريخ نسخه أو زخرفته، ومجموعات المصاحف بالمكتبة مزخرفة الديباجة والخاتمة، إضافة إلى وجود مصاحف أندلسية ومغربية مبكرة مكتوبة على رقوق مربعة الشكل. إضافة إلى المصاحف الهندية ذات الزخارف النباتية المتنوعة. كما يوجد نماذج من المصاحف الصينية والكشميرية الجميلة، وبعض النماذج المملوكية.
أما من حيث الخطوط فهي تراوح بين الخط الجليل (الكوفي) والنسخ والثلث والتمبكتي والسوداني المتأخر. فضلا عن خطوط الشام والعراق ومصر واليمن. وعدد من المصاحف النجدية والحجازية. كل هذه النماذج ممثلة في مجموعة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، مما يدل على ثراء الفنون الإسلامية، وإضافة كل أمة من الأمم الإسلامية رؤاها الفنية واللونية وزخارفها وثقافتها في تلقي القرآن الكريم ونسخه.
وتزخر المكتبة بالعديد من المقتنيات الأصلية، وتضم بين جنباتها أكثر من ثمانية آلاف مخطوط تنوعت بين: القرآن وعلومه، أصول الدين، المصاحف، علوم القرآن، الحديث وعلومه، الفقه وأصوله السيرة النبوية، الوعظ والإرشاد، اللغة العربية، التاريخ، الفلسفة والمنطق،العلوم البحتة والتطبيقية،المعارف العامة، بالإضافة إلى العديد من المصورات الورقية والميكرو فيلمية، وتعمل عبر برامجها الثقافية على نشر المعرفة والإسهام في دعم البحث العلمي والحفاظ على القيم الأساسية للنهوض ومنها الاهتمام بالموروث وحفظه وإتاحته، والإفادة من تقنيات المعلومات والميديا والاتصالات في التعريف بثراء التراث والثقافة وتنوع إسهاماتها في مسيرة تطور الإنسانية عبر مختلف المراحل التاريخية، وهو ما يؤكد على غنى الحضارة العربية والإسلامية وتأثيرها الكبير في الحضارات العالمية.