«الجزيرة» - محمد الغشام:
نبّه الشيخ عايض بن محمد العصيمي الداعية مفسر الأحلام المعروف عن الأخطاء التي يرتكبها كثير من الناس بمثل هذه الأيام الفضيلة، وتحديداً في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، من كثرة تناول موضوع رؤية القدر، بل والجزم أحياناً بها، حيث إن التعامل مع هذه الرؤى المنامية لليلة القدر لهو من الخطأ الواضح باعتقاد البعض والجزم أن ليلة القدر هي تلك الليلة التي رؤيت في مناماتهم.
وقال الشيخ عايض العصيمي مفسر الأحلام:وكم نرى ونشاهد في كل سنة في ليالي العشر الأواخر من رمضان حديث الناس فيما بينهم وجزمهم أن ليلة القدر وهي الليلة الفلانية لرؤى رؤيت ولأن فلاناً من المعبرين قد عبرها وأكد القول الحق في أنها ليلة القدر فلا تقبل الرد والإنكار بل هو قول واحد فاصل ويبقى الناس فيما بينهم يتراشقون تلك الرسائل عبر الجوال وفي المجالس عن تلك الليلة والاجتهاد في عمارتها بالطاعة والعبادة والصلاة، ولو نقلنا الطرف لوجدنا أن أناساً آخرين يقولون إن ليلة القدر هي الليلة الفلانية لمعبر آخر جاءت وتواطأت عنده رؤى فقال بها كصاحبه وهكذا كل حزب بما لديهم فرحون كل يزعم أن الرؤى التي جاءت إليه هي الصواب وتعبيره هو الحق ويقسم بعضهم على ذلك أيماناً مغلظة وهذا خطأ كله ليس هذا من منهجه صلى الله عليه وسلم. وجدد العصيمي تأكيده أن علامات وأمارات ليلة القدر التي ذكرها العلماء في كتبهم وهي ليست محور حديثنا قد تتكرر في أكثر من ليلة ولايجزم بأنها ليلة القدر والمأمور ألا نغلب عليها بعبادة وطاعة فالأجر والعتق من النار الوارد في الحديث لمن قامها إيماناً واحتساباً هو الذي يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وليس من رآها وشاهدها في منامه أو حتى من علم أنها ليلة القدر، فالعلم وحده لا يكفي إذ لم تعمر بالطاعة والعبادة. قال عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). رواه البخاري ومسلم. ولم يقل عليه الصلاة والسلام من علمها وعرف تلك الليلة. واسترسل العصيمي القول: وسبحان الله كم يأتي لمعبري الرؤى والمنامات في كل رمضان من تلك الأسئلة الهائلة عن تلك الليلة أي ليلة هي؟ فلا ينبغي الاهتمام وتراشق تلك المنامات وكأنها وحي مُنزل لا يقبل الرد. واختتم العصيمي كلامه بقول الإمام الشاطبي رحمه الله: (وأما أمة النبي صلى الله عليه وسلم فكل واحد منهم غير معصوم بل يجوز عليه الغلط والخطأ والنسيان ويجوز أن تكون رؤياه حلماً والحلم من الشيطان)،مشدداً على أنه ينبغي للمعبر ألا يعلق الناس والأمة على تلك الرؤى أو لتقديس رأيه، بل يحث الناس على الاجتهاد في كل الليالي وليست ليلة واحدة، فالرؤى للاستئناس وليست للتقرير فهي تسر المؤمن ولا تغره.