محمد بن عبدالله آل شملان
نحيي هنا الدور الكبير للهيئة العامة للترفيه المسؤولة والمشرفة على تنفيذ المسابقة والرؤية الوطنية الهادفة للاهتمام بالقرآن الكريم وشعيرة الأذان، وهي تحشد جهودها في هذه الفعالية العالمية، ليكون شهر رمضان المبارك رحلة إسلامية تعبدية وفنية ممتعة تحقق الأهداف المرجوة منها، للمهتمين والمتفاعلين من مختلف الدول والقارات العالم والأعمار والثقافات.
المملكة نجحت اليوم في قيادة حراك إسلامي عالمي، واستقطاب الشباب والنشء لعالم القرآن الكريم والأذان، فصنعت بذلك شباباً وناشئة منفتحة على دينها وحضارتها وثقافتها، وفي الوقت ذاته شديدة الاعتزاز بدينها وحضارتها وثقافتها.
عندما تشاهد فعاليات المسابقة سواء في مرحلتها الأولية أو في تصفياتها النهائية، عبر التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها، تلمس من قرب ثمار هذه الجهود، وتفخر بهؤلاء الشباب والشابات البارعين، وبالتلاوات الراقية والمقامات العالية والطبقات والعُرب الصوتية التي يلتقون حولها.
«عطر الكلام» ثمرة قيادة وطن آمنت بدينها الإسلامي، وراهنت على قيمه الفريدة في بناء الأجيال المحصنة ضد المتغيرات الفكرية.
وإعلان تركي آل الشيخ استمرار المسابقة للعام المقبل بمشيئة الله تعالى، بأعداد مختلفة من جميع دول وقارات العالم ، دليل على الإصرار على تحقيق الهدف، وللتأكيد على رجاحة النهج وصحة التوجه، لتحقيق الريادة المنشودة في رحاب وطن الإسلام والمسلمين (المملكة العربية السعودية).
القرآن والأذان.. روح الوطن
الاهتمام بالقرآن الكريم وأهله وشعيرة الأذان والمؤذنين إرث راسخ في وطننا، وهو امتداد لإرث قادة هذا الوطن ابتداء من الإمام محمد بن سعود بن مقرن والإمام تركي بن عبد الله والملك عبد العزيز مؤسسي الدولة السعودية بمراحلها الثلاث - رحمهم الله - الذين لا تزال آثار أياديهم البيضاء تستجلب لهم الدعوات الصالحات في كل أرجاء الوطن والعالم العربي والإسلامي.
ولا زال قادة هذا الوطن يقدمون دعمهم المستمر للقرآن الكريم ولشعيرة الأذان، ودائماً يتابعون ما يتعلق بهما عن قرب، إيماناً بدورهم في تحفيز الأجيال الناشئة على الالتزام بدينهم وإدراك واجباتهم اتجاه دينهم ورسالتهم الإسلامية، ورفع روح التنافس في مجال حفظ القرآن الكريم، وأداء الآذان، والتشجيع على بذل المزيد من الجهد والوقت للحفظ والإجادة والإتقان.
ويحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - أيده الله - وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - على إقامة المسابقات القرآنية في كافة مناطق ومحافظات المملكة، كما يحرصان على الالتقاء بأئمة ومؤذني المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، أثناء زيارتهما لمكة المكرمة والمدينة المنورة في شهر رمضان وشهر ذي الحجة.
كما تحرص الجهات المعنية في المملكة على إكساب الأئمة والمؤذنين الأسس المعرفية علوم القرآن الكريم والأذان ليكونوا قادرين على أداء رسالتهم في مجتمعهم.
سحر الصوت الخفي
القرآن الكريم والأذان هما ترانيم السلام ونغمات الأمان، فكل من يستمع إلى صوت القارئ والمؤذن، فإنه تسافر في قلبه الراحة وتتجوّل في وجدانه الطمأنينة وينشرح صدره بالسكينة والأمان.
هما خطاب الله للتبليغ وللتعبد وللوعي ولليقين، اللذين أكرمنا سبحانه وتعالى بهما، لهما فضل عظيم وثواب جزيل لمن يرفع صوته بهما، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابِه «، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة».
لازال الناس يتنافسون فيهما على الفضيلة، ويحييون فيهما استمرارية الشريعة، ويوقظون من خلالهما القلوب قبل الأجفان، فاختص بهما الإسلام دون الأديان.
اهتم الناس بهما، فأضحت لهما مدارس فنية واتجاهات أدائية، واعتنى بهما الكثير حتى أصبحا يشكلان لهم أجمل الغايات، هما من رموز الحضارة الإسلامية المميزة عن بقية الحضارات، يرفعهما أهل المهارة في المساجد والمنابر وفي الأحياء والساحات، وتتميز بهما الحناجر الذهبية.
فالقرآن والأذان يبلغ الناس في داخل المدينة والهجرة وفي المزارع وفي الحقول ومن حولها وفي أطرافها، وتفنَّن الناس قادة كانوا أو من العامة في طباعة المصاحف الشريفة والعناية بالمآذن، واسم المملكة مرتبط بالقرآن والأذان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهما قيمُه التي جعلته في العالم قمراً لا تنطفئ أنواره، ونهراً لا يخفي عذوبته، وغصناً شامخاً يطال عنان السماء حتى لامس حدود القمر، وصافح خدود الغمام.
خصوصية
شهر رمضان المبارك له خصوصية في قلوب المسلمين، والابتهاج به يأخذ طابعاً له روحانية تختلف عن بقية الشهور، فهو شهر العبادة والتلاوة وبذل الخير؛ لذا فإن مسابقات القرآن الكريم والأذان العالمية «عطر الكلام « التي قامت بها هيئة الترفيه زادت من هذا المشهد رونقاً وجمالاً بفضل الاستماع إلى أعذب الأصوات وأكثرها جمالًا في التلاوة ورفع الأذان اليومي من خيرة شباب المسلمين، وسط منافسة شريفة بين أكثر من 40 ألف مشترك من مختلف دول العالم، ويتسابقون فيها للظفر بهذا اللقب الغالي ويتفاعل الجمهور من خلال القراءات والأذانات المختلفة، التي يؤدي بها المتسابقون ويقضون أمتع الأوقات في جو غامر بالمشاعر الفياضة والنفحات الربانية التي يُعرف بها رمضان المملكة.
كما أن هيئة الترفيه رصدت جوائز مالية للفائزين تبلغ 12 مليون ريال التي تعتبر الأعلى على مستوى الجوائز القرآنية والأذانية، وكذلك أتاحت نقل فعاليات المسابقة على التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها وكانت فرصة ثمينة لمتابعة الجمهور في داخل المملكة وخارجها، كما لقيت تغطية غير مسبوقة على مسار الإعلام الصحفي أو الإلكتروني.
نجاح
في عام 2019م أطلقت الهيئة العامة للترفيه مسابقة « عطر الكلام «، وهو أول برنامج مسابقات في العالم يجمع تلاوة القرآن والأذان، وقد حققت نجاحاً غير مسبوق.
وما أروعها من كلمات وأعمقها من دلالات في حديث رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه الاستاذ تركي بن عبد المحسن آل الشيخ، وهو يوجه شكره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - على رعايتهما اللا محدودة لكل ما هو مفيد للمملكة، ومن ذلك قطاع الترفيه، لدى تتويجه الفائزين بالمراكز الأولى لمسابقات القرآن الكريم والأذان العالمية «عطر الكلام « وذلك يوم الأربعاء 19 رمضان 1443هـ الموافق 20 إبريل 2022م.
وقد حققت المسابقة تقدماً كبيراً في مجال التحكيم بجهود اللجنة المنظمة للمسابقة بإشراف عام الشيخ عادل الكلباني وأمين عام المسابقة الدكتور فهد العندس وإخوانهم أعضاء اللجنة المنظمة.
وتكونت لجنة تحكيم المسابقة من 13 عضواً متخصصاً في علوم القرآن والمقامات، كما تضم خبراء تحكيم المسابقات القرآنية الدولية، إضافةً إلى أئمة ومؤذنين من الحرمين الشريفين، وكبار قراء العالم.
وتميزت مجريات المسابقة بإثارة التشويق والحماسة، ودعم القرّاء والمؤذنين من جميع أنحاء العالم؛ كونها واحدة من أقوى المسابقات وأكبرها حجمًا على مستوى العالم، ولا سيما باستضافتها نخبةً كبيرةً من أشهر محكّمي المسابقات القرآنية العالمية.
وطموح هيئة الترفيه كبير، وكما قال معالي الاستاذ تركي آل الشيخ « إن شاء الله في منهم السنة الجاية ومشاركين بـ 100 ألف وأكثر «، وهذا يثبت سعي الهيئة على التطوير المستمر لفعاليات المسابقة ورفع كفاءة فريق العمل تحقيقاً لرؤية الجائزة بأن تكون الرقم واحد على مستوى العالم.
التتويج
أعلنت المسابقة في يومها الأخير من منافسات « عطر الكلام « فوز المتسابق المغربي يونس مصطفى غربي بالجائزة الأولى لفرع التلاوة بقيمة 5 ملايين ريال، فيما حصل البريطاني محمد أيوب عاصف على مليوني ريال نظير فوزه بالمركز الثاني، ثم البحريني محمد مجاهد الذي فاز بمليون ريال كجائزة مخصصة للمركز الثالث، وأخيراً الإيراني سيد جاسم موسوي الذي فاز بالمركز الرابع وجائزة تقدر بـ 500 ألف ريال.
وبفرع المسابقة العالمية للأذان تقاسم المؤذنان التركيان محسن كارا، والبجان جليك أولى الجوائز؛ إذ حصل محسن على المركز الأول وجائزة مليوني ريال، فيما حصل البجان على المركز الثاني بجائزة قدرها مليون ريال، أما المركز الثالث فكان من نصيب الشاب السعودي عبد الرحمن بن عادل الذي حصل على جائزة تقدر بنصف مليون ريال، فيما حصل السعودي الآخر أنس الرحيلي على المركز الرابع بجائزة قدرها 250 ألف ريال.
دعاء
أسأل الله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على عنايتهما بالإسلام والمسلمين ودعم كل عمل رشيد يخدم القرآن الكريم ويشجع الناشئة على الإقبال على كتاب الله وإحياء شعيرة الأذان، وأن يبارك بجهود الهيئة العامة للترفيه لما فيه الخير والصواب.