د.عبدالله بن عوض السرحاني
نشأت إدارة المعرفة (Knowledge Management) في نهاية القرن العشرين، وازداد ظهورها قوة في تسعينيات القرن الماضي. وقد كانت نشأتها ذات صبغتين: الأولى تقول بأنها كانت موجودة ضمن أي مجتمع تتم فيه عملية التعليم والتعلم كالمجتمعات الحرفية والتجارية والسياسية وغيرها؛ أي أنها قديمة قدم الزمن وقدم الحضارات والموروثات المادية التي خلفتها الأمم السابقة. والثانية تقول بأن نشأتها كانت في العصر الحديث, وإنما اختلفت عن سابقتها بزيادة التركيز عليها وإضفاء الصبغة العلمية عليها نتيجةً لما حققته من ثروات ونجاحات هائلة للمنظمات والمجتمعات، وكذلك اختلفت عن سابقتها باستفادتها من تطورات هذا العصر التقنية الهائلة.
وقد ساهم عدد كبير من الباحثين والعلماء المرموقين في نشأتها وتعريفها، وكان من ضمن هؤلاء العلماء بيتر دراكر (Peter Drucker)، وكارل وييج (Karl Wiig)، وبول ستراسمن (Paul Strassmann)، وكريس أرجيريس (Chris Argyris)، وكريستوفر بارتلت (Christoper Bartlett)، وتوماس دافنبورت (Thomas Davenport)، ولورانس بروساك (Laurence Prusak)، وبيتر سينج (Peter Senge)، ودوروثي ليونارد - بارتون (Dorothy Leonard-Barton) وغيرهم. وظهر مع نظم إدارة معرفة المنظمةِ المعتمدةِ على أعمال الذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة المستخدمة في ثمانينيات القرن الماضي مصطلحات جديدة مثل «اكتساب المعرفة» و»هندسة المعرفة» و»الخرطئة المبنية على الحاسوب» وغيرها، وكان لهذه المصطلحات دور كبير في ظهور ما يعرف بإدارة المعرفة. وقد أشيعت إدارة المعرفة بين الأكاديميين بصدور كتاب أيكوجيرو نوناكا وهيروتاكا تاكايوتشي (Ikujiro Nonaka and Hirotaka Takeuchi) الموسوم «شركة تكوين المعرفة: كيف تكّون الشركات اليابانية ديناميكية الابتكار»»The Knowledge Creating Company: How Japanese Companies Create the Dynamics of Innovation» في عام (1995م). أما الممارسون؛ فقد أشيعت إدارة المعرفة بينهم , وحظيت باهتمامهم البالغ, عندما قدمها توم ستيوارت (Tom Stewart) لأول مرة للناس في مقالته الموسومة «قوة العقل» «Brainpower» في مجلة «Fortune» في عام (1991م). ويتفق معظم الأكاديميين أن إدارة المعرفة لم تُشتق من علم واحد بعينه؛ بل اشتقت من علوم مختلفة منها: علم الاقتصاد، وعلم الاجتماع، وعلم الفلسفة، وعلم النفس، ويضيف آخرون علوماً أخرى منها: إدارة العمليات، والسلوك المنظمي، والإدارة الاستراتيجية، ونظم المعلومات، ونظرية المنظمة، ونظرية المعرفة، والعلوم المعرفية، واستراتيجية الإدارة، وعلم الإنسان، وعلوم الحاسب الآلي وغيرها. ويرى البعض بأن الاشتقاق كان من موضوعات ذات نطاق أوسع للإدارة، ومنها على وجه الخصوص نظم المعلومات وإدارة الجودة الشاملة ونظرية المنظمة وإدارة الموارد البشرية والإدارة الاستراتيجية(1).
عمليات إدارة المعرفة (Knowledge Management Processes):
من الأمور المسلم بها أن المعرفة هي أصول غير ملموسة؛ يمكن لها أن تعزز من قدرات المنظمة التنافسية، وإن معرفة كيفية إدارة هذه الأصول المعرفية بكفاءة أصبحت قضية مهمة في عصر المعرفة (Knowledge Era). وقد أكدت أدبيات العلم - إدارة المعرفة - على أهمية عمليات إدارة المعرفة التي منها تكوين المعرفة، وتنظيمها، والمشاركة فيها، والانتفاع بها.
ويرى آلافي وليدنر(2) (Alavi and Leidner) أن عمليات إدارة المعرفة في المنظمة تنقسم إلى أربعة أقسام رئيسة هي: تكوين المعرفة، وتخزين/ استرجاع المعرفة، ونقل/ تقاسم المعرفة، واستخدام المعرفة.
وقد اختلفت الدراسات في تحديد عدد عمليات إدارة المعرفة نظراَ لتداخل وظائف بعض العمليات في البعض الآخر. ويأخذ معد هذا المقال بالتحديد القائم على أساس أن عمليات إدارة المعرفة أربعة عمليات هي: عملية تكوين واقتناء المعرفة، وعملية تنظيم المعرفة، وعملية تقاسم المعرفة، وعملية تطبيق المعرفة.
1 - عملية تكوين واقتناء المعرفة (Acquiring and Creating Knowledge Process):
يمكن تعريفها على أنها العملية التي يتم من خلالها اكتساب وتوليد وإبداع معارف جديدة مفيدة للمنظمة والحصول عليها من مصادرها المختلفة. كما أن من أهدافها خلق البيئة الملائمة لتكوين واكتساب معارف جديدة ذات قيمة، وتوفير الدعم الكاف لاقتناء المعارف ذات الصلة بمنتجات وخدمات وعمليات المنظمة. يقوم فريق العمل المعني بهذه العملية أولاً بتحديد الفروق بين المعرفة المطبقة في المنظمة حالياً والمعرفة الواجب تطبيقها وفقاً لأهداف وخطط المنظمة ووفقاً لأفضل المعايير المطبقة في العالم في هذا الخصوص، ويكون الفارق بين المعرفتين بمثابة الفجوة المعرفية التي يركز فريق العمل على تجسيرها وتوجيه جهود تكوين واقتناء المعرفة باتجاهها.
نموذج دورة تكوين المعرفة (سيسي)
يوضح نموذج دورة تكوين المعرفة (سيسي)(3) ويعرف اختصاراً (SECI model) (شكل السابق)، الذي طوره نوناكا وتاكيوتشي (Nonaka and Takeuchi, 1995)، كيفية تكوين وانتقال المعرفة في المنظمات. تقوم فكرة هذا النموذج على الحركة التفاعلية الديناميكية المستمرة لتحول وانتقال المعرفة من معرفة ضمنية إلى معرفة صريحة والعكس على مستوى الأفراد، والمجموعات، والمنظمة مصحوبة بأربع عمليات هي:
1 - العملية الاجتماعية (S) Socialization)): وفيها تتحول المعرفة الضمنية إلى معرفة ضمنية من خلال التعلم من الغير والتشارك في الخبرات كما يحدث عند تعلم المتدربين للحرف من أهل الخبرة من خلال الملاحظة، والمحاكاة، والممارسة، والتجريب والتدريب على رأس العمل (on-the-job-training) وغيرها.
2 - العملية التجسيدية (E) Externalization)): وفيها تتحول المعرفة الضمنية إلى معرفة ظاهرة بمساعدة الاستعارات والتشبيهات. وتتم هذه العملية من خلال تبادل الأفكار والآراء في الحوارات والتفكير والتفاعلات الجماعية.
3 - عملية الجمع (C) Combinations)): وهي العملية التي يتم فيها تحويل المعرفة الظاهرة إلى مزيد من المجاميع المنهجية والمنظمة من المعارف الظاهرة.
4 - العملية الاستيعابية (I) Internalization)): حيث يتم فيها تحويل المعرفة الظاهرة إلى معرفة ضمنية. ويظهر هذا عادةً عند وضع المعرفة الظاهرة موضع الممارسة والتطبيق, وهي تتعلق بالنماذج العقلية المشتركة وممارسات الأعمال في المنظمة(4).
هذا النموذج على درجة كبيرة من الأهمية لإدارة المعرفة؛ لأنه يدخل في كل عملياتها, فهو يوضح كيفية تكوين واقتناء المعرفة وتنظيمها وتقاسمها وتطبيقها على المستوى الفردي وأن عملية «التعلم» هي المحرك الرئيس لكافة عمليات هذا النموذج.
2 - عملية تنظيم المعرفة (Knowledge Organization Process):
وهي العملية المعنية بتنقية وتنظيم وتصنيف المعارف المهمة ذات العلاقة بأهداف المنظمة مع توفير منافذ سهلة وعملية لوصول الأفراد إليها. تُعد عملية تنظيم المعرفة من العمليات المهمة وتأتي في المرتبة الثانية بعد تكوين واقتناء المعرفة. وتبدأ هذه العملية باختيار الإدارة لمجموعة العمل الخاصة بهذه العملية؛على أن تراعي في اختيار أعضائها الكفاءة العلمية والخبرات العملية والشمولية في معرفة جل سياسات وخطط ومهام وإجراءات المنظمة. يبدأ العمل بتجميع المعارف ذات العلاقة بمنتجات وخدمات وعمليات المنظمة وترتيبها وتصنيفها وخزنها تقليدياً في وثائق أو إلكترونياً في قواعد البيانات الخاصة بالمنظمة وبواباتها الإلكترونية. ومن الحكمة ألّا يقتصر هذا التجميع على المعرفة المستقبلية فقط؛ بل ينبغي أن يقوم فريق العمل بتحديث وتخزين معارف المنظمة الماضية وخبراتها وتجاربها ومشاريعها للاستفادة منها واستنباط الدروس المستفادة منها عند اتخاذ القرارات. كما أن من مهام فريق العمل نشر وتوزيع المعرفة بطرق مختلفة للأفراد والأقسام في المنظمة كلّاً يعمل بحسب تخصصه وحاجته. كما أن تكامل المعرفة على درجة من الأهمية؛ أي أن تصل إلى الشخص المناسب بالشكل المناسب في الزمان المناسب وفي المكان المناسب. وتنفذ المنظمات العالمية هذا الإجراء سعياً منها لتكوين ما يسمى بذاكرة المنظمة (Organizational Memory). ولمستودعات المعرفة (Knowledge Repositories) دور محوري في محافظة المنظمة على رأسمالها المعرفي والاستفادة من هذا المخزون التراكمي المعرفي في تحسين منتج أو خدمة أو في تطوير عملية، بالإضافةً إلى الرجوع إليها عند اتخاذ القرارات. كما يمكن تنظيم وخزن أصول المنظمة المعرفية في شبكتها الداخلية (The Intranet) أو استغلال الإنترنت لتكون البنية التحتية المناسبة لمعظم عمليات إدارة المعرفة , ومن ضمنها عملية تنظيم المعرفة. يقوم فريق تنظيم المعرفة في المنظمة بوضع المعايير المناسبة لما يجب تنظيمه وكيفية تنظيمه من خلال المعارف التي تم تجميعها. وينبغي على مجموعة تنظيم المعرفة أن تكون مشاركة لمجاميع العمل والنقاشات والحوارات , وأن تكون ملمةٌ بمنتجات وخدمات وعمليات المنظمة وعلى درجة من الوعي بآلية تفاعل الأفراد فيما بينهم؛ لكي تكون على علم بالمعرفة التي يحتاجونها والمعارف ذات الصلة الواجب اقتناؤها ومن ثم تنظيمها. كما أن تنقية وتحديث المعرفة التي تكوت أو تم اقتناؤها هي من العمليات المهمة. فالناس مقتنعون بأن معارفهم دقيقة وصحيحة إلى درجة كبيرة، وهنا يأتي دور فريق العمل الخاص بتنظيم المعرفة لتوفير آخر مستجدات العلوم والمعارف للأفراد، وبالتالي تصحيح مفاهيمهم تلك. وتلعب النظم التقنية الحديثة دوراً محورياً في هذه العملية ولذلك ينبغي على الإدارة توفير ما يلزم من التقنيات والنظم الخاصة بهذه العملية وتحديثها لمواكبة المستجدات في هذا الجانب. وكما أن عملية خزن المعرفة في مستودعات المنظمة تحتاج إلى آليات حديثة في التصنيف والتبويب والتنظيم، فإن عملية استرجاع هذه المعارف ينبغي أن تكون على أحدث ما توصل إليه العلم كاستخدام الاسترجاع الدلالي (Semantic Retrieval) الذي يساعد الموظف في استرجاع المعرفة ذات الصلة بموضوع البحث دلالياً لتوفير الوقت وتوخي الدقة في الاسترجاع.
3 - عملية تقاسم المعرفة (Knowledge Sharing Process):
تعدُ عملية تقاسم المعرفة من أهم عمليات إدارة المعرفة نظراً لتداخلها مع معظم العمليات الأخرى. وهي تقوم على عوامل عدة منها: الاجتماعية، والنفسية، والتكوينية، والتقنية، ومستوى التعلم للأفراد، والعوامل التحفيزية التي تقدمها المنظمة بشقيها المادي والمعنوي، وكذلك مدى تهيئة المنظمة للبيئة الملائمة لإتمام وتنفيذ عملية تقاسم المعرفة بشكل فعّال.
وكشف عدد من الباحثين - بحسب دراسة ماتزلر وآخرون( ) (Matzler et al) - ومنهم نوناكا وتاكيوتشي (Nonaka and Takeuchi) وأرجوت وإنجرام (Argote and Ingram) وسودركويست (Soderquist) أن عملية تقاسم المعرفة هي «العمليات الديناميكية للتفاعلات بين الأفراد (ومنها المناقشات والحوارات والعصف الذهني والمشاركة في حل المشكلات) والتي من خلالها تتأثر المجموعة (القسم أو الإدارة أو الوحدة في المنظمة) بتجارب وخبرات الآخر».
يقول كين دير (Ken Derr) رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذيّ لشركة تشيفرون (Chevron) «إن عدم استخدام أي فكرة جيدة وضياعها كل يوم، هو بمثابة فرصة ضائعة. وعليه يجب علينا أن نتقاسم المعارف أكثر ويجب علينا أن نتقاسمها بشكل أسرع»(6)
وتشير التقارير إلى أن عدداً كبيراً من المنظمات التي فعّلت عملية تقاسم المعرفة بشكل صحيح قد وفرت الملايين من الدولارات. فعلى سبيل المثال، وفرت شركة تشيفرون (Chevron) (650 مليون دولار) بتفعيلها لشبكة إليكترونية يتم من خلالها تقاسم المعرفة والأفكار حول إدارة استخدام الطاقة بين الأفراد. ووفرت شركة زيروكس (Xerox) (100 مليون دولار) من خلال تصميمها لقاعدة بيانات أسمتها قاعدة بيانات يوريكا (Eureka Database) والتي تحتوي على أفضل الممارسات وجعلتها الشركة متوفرة للموظفين من كل مكان(7).
يتمثل دور هذه العملية في نقل المعرفة من العارف بها إلى المحتاج لها. وتركز المنظمات على عملية تقاسم المعرفة لأسباب عديدة منها:
1 - ضياع المعرفة بعد تقاعد أو انتقال الموظف من المنظمة أو أثناء التدوير الوظيفي. فتسعى المنظمات إلى نقل خبرات ومهارات أهل الخبرة إلى الأفراد الآخرين قبل انتقالهم منها أو تقاعدهم.
2 - ما حصل في بعض المنظمات الغربية من تقليل لحجم القوى البشرية (Downsizing) بسبب التحولات الاقتصادية وغيرها.
3 - عملية تقاسم المعرفة ليست مجرد اكتساب معرفة جديدة فحسب؛ بل تزيد من قدرات الأفراد في تحقيق أهداف المنظمة.
4 - تفاوت القدرات لدى الأفراد في التحليل والاستدلال والاستنتاج لمعارفهم.
5 - تساهم في انتقال المعرفة التنظيمية والخبرات والممارسات الجيدة بين أفراد المنظمة.
6 - عملية تقاسم المعرفة مرتبطة بالتفاعلات الإيجابية بين الأفراد, وهذه التفاعلات تنتج معارف جديدة وتقدم أفضل اقتراحات وأفكار تطويرية جيدة.
7 - تزيد من الثراء المعرفي للأفراد ورأس المال الفكري للمنظمة.
8 - تقاسم المعرفة هو المحرك الكبير لعملية الإبداع وتطوير العمليات والمنتجات والخدمات.
9 - تسهم في تكوين علاقات وروابط اجتماعية جيدة بين الأفراد والإحساس بالانتماء للمنظمة؛ فيرتفع مستوى التعاون بينهم بما يعود بالنفع عليها.
10 - تنمية وتطوير الأصول غير الملموسة ورأس المال البشري.
11- يساهم في هذه العملية بالإضافة إلى الأفراد عملاء المنظمة وأصحاب المصلحة للاستفادة من أفكارهم ومقترحاتهم في تطوير منتجات وخدمات وعمليات المنظمة.
12 - إنها تسهم في تنمية وتطوير ما يعرف بذاكرة المنظمة (Organizational Memory) - معارف ومهارات وخبرات المنظمة المكتسبة غير الموثقة - لمعارفها وخبراتها.
4 - عملية تطبيق المعرفة (Knowledge Application Process):
يُقصد بعملية تطبيق المعرفة أن توضع المعرفة موضع التنفيذ. أي أن تقوم المنظمة بتطبيق المعارف التي اكتسبتها أو التي استحوذت عليها من مصادر مختلفة في منتجاتها وخدماتها وعملياتها. وقد أصبحت المنظمات في الوقت الحاضر على درجة كبيرة من الوعي بأن ما تمتلكه من معارف هي مورد حيوي وعامل مهم من عوامل بقائها واستدامة ميزتها التنافسية في الأسواق. ومن المسلم به أن المعرفة التي تقتنيها المنظمة سواءً من الداخل أو الخارج من دون أن تنتفع بها هي بمثابة هدر معرفي، لأن تطبيق وإعادة استخدام المعرفة هي الغاية من كافة جهود وعمليات وأنشطة إدارة المعرفة. فبعد انتقال المعرفة من العارف بها إلى المحتاج لها، يمكن أن يكون لدى الأخير، بناءً على هذه المعرفة الجديدة، قدرات استدلالية واستنتاجية تساعده في اقتراح تعديلات في المنتج القائم أو الخدمة المقدمة. كانت أقسام التطوير في المنظمات هي الوحيدة المعنية بتطوير المنتجات والخدمات في المنظمة , وهذا الأمر ينبغي أن يتغير ليتم إشراك الجميع في البحث عن التطوير إلى الأفضل؛ لأن أسباب نجاح إدارة المعرفة، بما فيها عملية تطبيق المعرفة، يقع على عاتق جميع منسوبي المنظمة. ويكون تنفيذ هذه العملية من خلال فريق عمل خاص بها يضم عدداً من ذوي الخبرة من الموظفين , يمثلون كافة أقسام المنظمة. كل فرد منهم على دراية بوظائف وإجراءات القسم الذي ينتمي إليه ويعلم ما المعارف التي يمكن أن تساعده في تطوير وترقية منتجات أو خدمات قسمه. ويقوم فريق العمل بالمساهمة في مجاميع العمل التقليدية مثل الاجتماعات والندوات وغير التقليدية مثل المحادثات والاتصالات الجانبية التي تتم في أقسام ومرافق المنظمة من أجل اقتراح أفضل السبل لتطبيق المعارف المكتسبة وتحويرها لتحسين وتطوير المنتجات والخدمات. ينبغي على فريق العمل أن يكون مواكباً لمستجدات الصناعة التي تقدمها المنظمة, وأن يكون لديه قنوات للوصول إلى المؤسسات البحثية وقواعد البيانات لوضع الأفكار والمقترحات التي تتناسب وطبيعة المنظمة موضع التنفيذ.
وتلعب النظم والتقنيات الذكية الخاصة بعملية تطبيق المعرفة دوراً بارزاً في تيسيرها وتسهيل تنفيذها؛ فهي تساعد على تقديم رؤى وأفكار إبداعية من شأنها أن تقترح أفضل الأساليب والطرق لتطبيق هذه المعارف على أرض الواقع من خلال تحسين منتج أو تطوير خدمة. كما أن للمجتمعات الافتراضية التي تتم ضمن قنوات التواصل الاجتماعي وبإشراف المنظمة دوراً كبيراً في تقديم أفضل الحلول والمقترحات لتطبيق المزيد من المعارف واقتراح كل ما من شأنه أن يكون ذا قيمة مضافة للمنظمة. ومن هذه النظم والتقنيات، على سبيل المثال، مجموعة نظم أدوات الذكاء الاصطناعي (Business Intelligence) التي تستخرج البيانات التشغيلية التي تولدت من تعاملات الأعمال, ثم تنقحها وفقاً لمعايير المنظمة, ثم تنقلها إلى مستودع النظام لتطبيقها. وهناك نظم أدوات دعم الابتكارات (Innovation Support Tools) التي تساعد في تطوير منتجات جديدة , كما تسهم في توليد المعارف على طول عمليات تصميم المنتج من خلال إنشاء بيئة افتراضية تتم فيها عمليات محاكاة الرسوم والمخططات التي بدورها تسهل عملية الاستيعاب, ومن ثم تحفز زيادة الرؤى والأفكار من أجل تطبيق أفضل. وتقوم نظم أدوات الذكاء التنافسي (Competitive Intelligence Tools) من خلال التحليل بتحويل البيانات التي تم تجميعها إلى تقييمات مهمة تفيد في استنباط أفضل التطبيقات. كما أن التواصل المستمر مع العملاء والطلب منهم تقديم المقترحات والملاحظات المتعلقة بمنتجات المنظمة وخدماتها يقدم أفكاراً ورؤىً للمسؤولين في المنظمة, تساعدهم في ابتكار منتجات وخدمات حديثة تعمل على تطوير المنظمة, وتعود عليها بالنفع, وتزيد من إيراداتها. ويبقى دورٌ مهمُ تضطلع به الإدارة العليا في المنظمة من حيث تمكين الأفراد من الوصول إلى المعارف المهمة وتهيئة البيئة المناسبة من كافة جوانبها من أجل تطبيق هذه المعارف بشكل متقن.
** **
- إدارة المعرفة وعلم المعلومات