بدر بن عبدالمحسن المقحم
في مقابلة خاصة مع قناة الحدث مؤخراً أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن جولة خامسة من المحادثات بين المملكة وإيران عقدت في بغداد يوم الخميس 20-9-1443هـ الموافق 21-4-2022م ووصفها بالممتازة وأنها خطوة في طريق عودة العلاقات بين البلدين إلى آخر ما عبر عنه من التفاؤل على هذا الصعيد ، وبالنظر إلى السلوك الرسمي للدولة الإيرانية تجاه العلاقات مع المملكة على وجه التحديد, يلاحظ عليها طغيان منطق الثورة على منطق الدولة في تعاملاتها مع الجانب السعودي, وعدم احترام المواثيق الدولية القائمة عليها العلاقات الدولية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961م، ولا أدل على ذلك من اقتحام السفارة السعودية في طهران بتاريخ الثاني من يناير عام 2016م ثم إشعال الحريق فيها أمام مرأى ومسمع الجهات الرسمية هناك, وما أعقبه من اعتداء آخر على القنصلية في مشهد, الأمر الذي أدى إلى قطع العلاقات مع النظام الإيراني لهذا السبب وأسباب أخرى متراكمة منها على سبيل المثال وليس الحصر التدخل في الشأن الداخلي السعودي, والسعي لتقويض أمن الحج في سنوات مضت, وتهديد خطوط الملاحة البحرية, ودعم المليشيات الحوثية في اليمن لزعزعة أمن المملكة والإضرار باقتصادها.
إن إيران إذا أرادت بناء علاقات راسخة مع دولة إقليمية بحجم المملكة فلابد أن تقرن أقوالها بالأفعال وأن يكون أساس ذلك الاحترام المتبادل، وتقدير حقوق حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والكف عن الطموحات الإمبراطورية بالعقلية الفارسية المقترنة بنزعة نشر مذهبها في المنطقة، وإلغاء النظرة الإقصائية للآخرين والتعامل الحضاري مع دول الجوار، وإعلان إنهاء المبدأ الثوري في سياستها الخارجية, حيث يلاحظ بهذا الخصوص أن علاقات إيران الخارجية تقوم على استخدام قناع الدولة بالطرق المتعارف عليها دبلوماسياً وتتبادل المصالح بصورة بينية مع أطراف عديدة من العالم، بينما تستخدم منطق تصدير الثورة مع المحيط العربي بشكل سافر وواضح ودونما خوف أو حياء حتى ولو أدى هذا المنطق إلى كسر القوانين الدولية والأعراف المتفق عليها, وذلك كما هو حاصل مع دول الخليج وسوريا والعراق واليمن التي تمثل أساس المشرق العربي ومرتكزه، وهي بهذا السلوك تجند خلاياها وتبني ميليشياتها على أساس مذهبي وطائفي وتتبنى الفكر الإرهابي من أجل زعزعة استقرار المنطقة والنيل من مكتسباتها وبصورة عدوانية منشؤها الإرث الفارسي ضد العرب واستخدام المذهب الاثني عشري كمطية ووسيلة تضليل لما يرفعونه من شعار الإسلام الذي اقترن باسم دولتهم في طهران.
إن على إيران تقديم الضمانات التي تنص على عدم تكرار مثل هذه السلوكيات المشينة في العلاقات الدبلوماسية الصحيحة, وأن يكون توازن المصالح واحترامها الدعامة الصلبة في علاقتها مع المملكة مع تقيدها بقيم الإسلام السمحة في أخلاقيات التعامل وبالذات مع جيرانها، فالمملكة ومن خلال مسيرتها الدبلوماسية مع دول العالم أجمع تسعى إلى استتباب السلام وتقديم المساعدات للقاصي والداني من دون منَّةٍ أو مقابل والإسهام في حل القضايا الدولية وعلى مختلف الصعد وليس لها أطماع في أحد، وبالتالي على الجانب الإيراني إدراك هذه الحقائق.
وعودة العلاقات السعودية الإيرانية الكل ينتظرها ويرحب بها لكن بشروطها الموضوعية المشار إليها آنفاً مع إمكانية أن تتزامن مع هذه الخطوة أو في أي وقت لاحق فكرةُ تبني مبادرة مؤداها تأسيس منتدى فكري أو ثقافي على مستوى ثنائي أو متعدد يجمع قادة الرأي والفكر في المنطقة هدفه إزالة اللبس في بعض المفاهيم الخاطئة، والبحث عن أفضل السبل للاستقرار والسلام بين دول الإقليم، والعمل على تبادل وجهات النظر فيما يخص قضاياه المتنوعة، وبذل الجهود لتعزيز القيم المشتركة والمنافع المتبادلة بين دول المنطقة وشعوبها، ويمكن في هذا الصدد أن تأخذ هذه المبادرة مسمى (منتدى ضفتي الخليج) إذا أريد أن يكون محدوداً ومختصراً على الدول المطلة على الخليج العربي، أو يتوسع نطاق هذا المنتدى ليشمل دولاً أخرى وبالتالي يصبح مسماه (منتدى الغرب الآسيوي).