عبده الأسمري
بدأ مسيرته من خلال «رسوم على الحائط» تحولت إلى حدث للشعر ومحفل للحداثة ليعزف على الحروف واضعاً على «الماء» بصمة.. فكان أول الواصلين إلى «منصات» التأثير وأجمل العابرين على «عتبات» الأُثر..
ارتهن إلى «إمضاءات» التأليف وارتكن إلى «أضاءات» الألفة راسمًا «الأبداع» في تفاصيل «الشعر» وراصداً «الإمتاع» في مواويل» الشعور».. فتشكلت كلماته كارتجاجات على سطح الزمن الراكد وانطلاقات من عمق المتن الفائض..
عرف أن للرماد نهاراته وتيقن أن للسداد مساراته فظل يركض في «ميادين» الثقافة ممتطياً «صهوة» المشاعر رافعاً في يمناه «راية» التفاني وجامعاً في يسراه «قبضة» التحدي,
امتلك «سر» النصوص فجنى «جهر» الإشادة» وامتلك علانية «الإجادة» فكان «المتفق» عليه في نفض «غبار» الاعتياد وسبر «أغوار» الانتقاد.
إنه الصحافي والكاتب والشاعر سعد الحميدين أحد الشعراء والمثقفين في الوطن والخليج.
بوجه هادئ الملامح تكسوه تقاسيم «الطيبة والهيبة» معاً مع نظرات واثقة تلمع من خلف «نظارة» طبية لا تفارقه وطلة سامقة تتكامل على محيا أنيق يعتمر «الأزياء» المشكلة والشماغ المرسوم بتشكيل ثابت وشخصية ودودة مألوفة يسمو فيها «التهذيب» ويعلو وسطها «التأدب» وصوت جهوري مسجوع بالفصاحة ومشفوع بالحصافة وكاريزما تتقاطر منها قوة الرأي وتتسطر وسطها سطوة الحجة ولهجة بيضاء في محافل «الأصدقاء» ولغة عصماء بين جحافل «المثقفين «ومفردات أدبية عميقة الطرح وثيقة المضمون قضى الحميدين من عمره عقود وهو يؤسس «أركان» الشعر ويواجه «تحديات» الإلهام ويرفع «معنويات» الإسهام شعراً ونثراً وأدباً وتأليفاً كشاعر هياته «فصول» الموهبة وكاتب صنعته «أصول» الهبة.. فصال كربان ماهر أبحر في «محيطات» التنافس بأنفاس «المحترف» وجال كفارس باهر سار في دروب «التفوق» باستئناس «المتمرس».
في «الطائف» القابعة في سراة «الحجاز» ولد عام 1947م في مساء «شتوي» ملأ أرجاء حارته بأناشيد «الابتهاج» ودوت في منازل الجيران «أهازيج» البشرى واكتملت في بيت عائلته الشهير بالتعاضد «أفراح» القدوم و»مباهج» المقدم..
تفتحت عيناه على «أب» كريم وأم «حنونة» غمرا قلبه بغنائم «التربية» وأشبعا روحه بمغانم «التوجيه».. تعتقت روحه طفلاً بروائح «الورد» الطائفي وتشربت نفسه صغيراً لوائح «الود» العائلي فنشأ في أحضان «السكينة» وكبر وفي وجدانه روح «الهمم» وفي عقله بوح «القيم» .
اتخذ من مركاز حارته العتيقة المكتظة بفضل النبلاء والغنية بنبل الفضلاء منبعاً أول لصياغة «الأمنيات» حيث ولى وجهه قبلة «المعرفة» مقتنصاً من «المجلات» العربية قصة أدبية ومن الصحف العريقة رواية اجتماعية موجهاً بوصلة «أمنياته» شطر «الشعر» الذي قرأه باكراً في قصائد «المتنبي وأشعار «حافظ إبراهيم وأبيات «محمود درويش» وكلمات «محمد الماغوط».
ركض الحميدين مع أقرانه بين أحياء شهار ومسرة والربوة والشرقية مقتنصاً من نهاره «ساعات» الأصيل لمعاقرة «الكتب» على أرصفة المكتبات القديمة في باب الريع مراقباً خرائط «الكدح» في وجوه البسطاء ومرتقباً معالم «النصح» في أحاديث الوجهاء فكبر وأمامه «خارطة» اليقين التي جعلته يكمل مساءاته مدوناً في كشكوله «الخاص» محاولات «النظم» وأمنيات الانتظام فظل يملأه بخربشات «العواطف» الذاتية ويزينه بتجارب «الأبيات» الشعرية.
انصت الحميدين إلى «نداء» الدافع في داخله مكملاً يومه ببروفات «ليلية» بريئة أمام أسرته وعشيرته من خلال «خطابات» إبداعية و»عبارات» بلاغية كانت «بوابة» أولى دخل منها إلى «ميادين» الجرأة» التي شكلت له جهراً للبرهان ومهراً للبيان..
درس تعليمه العام في مدينته «الطائف» وحصل على الثانوية العامة ونال دبلوم معهد المعلمين..
دخل الصحافة وعمل محررًا ثقافيًا بجريدة الجزيرة الأسبوعية عام 1966، ثم محررًا أدبيًا بجريدة الرياض عام 1967، وسكرتير تحرير لمجلة اليمامة عام 1968، ومدير تحرير ومشرفًا عامًا على الثقافة وقائمًا بعمل رئيس التحرير لمدة ثلاث سنوات. ثم عمل مديرًا لتحرير جريدة الرياض في أعدادها الأسبوعية عام 1983، ومدير تحرير الشؤون الثقافية بها وقدم استقالته منها عام 2014 ليتفرغ للقراءة والكتابة.
امتهن الحميدين كتابة الشعر والمقالة والنقد في الصحف والمجلات السعودية والعربية وعمل طويلاً في ميدان صاحبة الجلالة التي منحته الضوء فأهداها الضياء واختير عضواً في نادي الرياض الأدبي وقام بإصدار عدد من الدواوين الشعرية وهي «رسوم على الحائط» عام 1977 و»خيمة أنت والخيوط أنا» عام 1986 و»ضحاها الذي» عام 1990 و»تنتحر النقوش أحياناً» عام 1991 و»أيورق الندم» عام 1994 و»للرماد نهاراته» عام 2000 و»غيوم بائسة» عام 2007 و»على الماء بصمة» عام 2010 و»ديوان الأعمال الشعرية» عام 2012 و»سين بلا جواب» عام 2013 و»عزف على الحروف» عام 2019 وديوان «نميمة على الذات».
تُرجم ديوانه الثاني «خيمة أنت والخيوط أنا» إلى الإنجليزية وترجمت بعض قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية.
قدم العديد من «النقاد» دراسات وأبحاث حول تجربته «الشعرية» ووصف ديوانه الأول «رسوم على الحائط» أنه أول ديوان من الشعر الحر «التفعيلة» صدر وطبع في السعودية..
اشتهر الحميدين في بحور «الأدب» بمده «الشعري» وجزره «الفكري «متجاوزاً موجة «الروتين» الأدبي مواجهاً «الآراء» المحايدة بالاحترام ومقابلاً «الرؤي» المخالفة بالدلائل.. متخذاً من قناعاته «مكانًا» قصياً ابتعد فيه عن «الجدل» ونأى من خلاله عن «الجدال».
قاوم الحميدين «تيار» العزلة الفكرية حاملاً لواء «التنوير» في «مدارات» المشارف ومعلناً عطاء «التطوير» أمام «فضاءات» المعارف «.
سعد الحميدين.. فارس الشعر صاحب «المسيرة» الحافلة بالمسافات المتجددة من «الثناء» و»الاستثناء».