صبار عابر العنزي
سُمى اليوم الذي يجتمع فيه الناس عيداً، وأصله من « عاد يعود» وأصل الكلمة أيضاً من العادة لأنّهم اعتادوا على مجيئه، وانتظروه ليمارسوا عباداتهم طقوسهم الاجتماعية في مثل هذه المناسبات ونحن هنا نتحدث عنه عند المسلمين وغيرهم, حيث يعد يوماً من الفرح والسرور الذي يعم على الصغار والكبار على حد سواء..
فالله يحبّ أن تظهر نعمته على العبد عن طريق اللباس الجديد الأنيق، وتناول ألذّ المأكولات دون التبذير، فقد أحل للناس الطيبات من اللباس والطعام، وأكّد على ضرورة عدم التبذير والإسراف..
وحتّى لا ينسى الإنسان المعنى الحقيقي وراء العيد، وهو شكر الله تعالى على نعمه التي أنعم علينا بها، بالإضافة إلى توفيقه لنا في جميع مجالات حياتنا، حيث أحلّ الله للمسلمين عيدان فقط وهما عيد الأضحى المبارك، وعيد الفطر السعيد لا عيد سواهما، بل هناك احتفالات لأيام مثل الأيام الوطنية والأيام الثقافية أو الاجتماعية..
وتستعد الأسرة لاستقبال العيد ببهجة وسرور، حيث تقوم الأسرة بتنظيف وتزيين المنزل وشراء الملابس الجديدة لجميع أفراد العائلة وتهتم النسوة بصناعة الحلويات المنزلية وشراء الحلويات وأصناف من العطور ومع العودة من صلاة العيد تكون القهوة السعودية والتمر والحلويات والشاي جاهزة لاستقبال الضيوف..
ومن آداب العيد التهنئة الطيِّبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أياً كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة التي رخَّص فيها أهل العلم ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين..
ورغم اختلاف طقوس الاحتفال، وتباين العادات والتقاليد، بين أبناء هذه الأمة وغيرهم من الأمم يبقى العيد واحداً والمناسبة واحدة ينتظرها المسلمون وغيرهم كل عام بعد شهر رمضان المبارك أو يوم عيد الأضحى ومناسبات لا يهمنا ذكرها..
وتتشح بعض شوارع البلدان وأحياؤه بالألوان الزاهية الجميلة المعبِّرة عن الفرحة والسعادة بالعيد..
ومع استقبالنا لأي موسم من مواسم أعيادنا الإسلامية يتبادر إلى أذهان الكثيرين هذا البيت لأبو الطيب المتنبي:
عيد بأي حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد؟
وهو مطلع قصيدة قالها المتنبي في هجاء كافور, أثناء تهيؤه للهرب من مصر سنة 350هـ وصادف ليلة عيد الأضحى, فخصص الأبيات العشرة الأولى لوصف نفسه التي امتلأت بالهموم والأحزان والكآبة..
بدأها يسأل العيد متجاهلاً بماذا عاد عليه: هل بالهموم والأحزان التي تعود عليها منذ وجوده في مصر أم بشيء آخر جديد يغيِّر حالته السيئة التي يعيشها؟
وتختلف أعياد أبي الطيب المتنبي، شاعر العربية الأشهر، فها هو يذهب مهنئاً سيده سيف الدولة الحمداني بعيد الفطر، فيقول وهو مبتهج مسرور:
هنيئا لك العيد الذي أنت عيده
وعيد لمن سمى وضحى وعيدا
وصدقةَ الفِطْر على الأغنياء من المسلمين، سمة مميزة وهي تُعطى لفقرائهم لحكمتَينِ بيّنهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأولى: أنّ صدقةِ الفِطْر مُطهِّرةٌ للقلب, الثانية: أنّ إغناءٌ لفقراء المسلمين عن السؤال يوم العيد..
وزكاة الفِطر التي أوجبها الله -تعالى- على أغنياء المسلمين لها أهميّةٌ عظيمةٌ في المجتمع المسلم فهي تنشر المحبّة والمسرّات في المجتمعات، وخاصّةً تلك الفرحة التي تغمر قلوب المساكين والمحتاجين..
العيد لا يهب السعادة لمن ينتظرها بالعبوس والكآبة, بل يحتاج منا جميعاً بسمة فرح وأمل وبهجة لننثر عبير الأماني مع إطلالة أول أيام العيد الذي طالما ننتظره وأعيننا تتوق لرؤية طقوس أيام العيد حركة الأطفال وزياراتهم وحصولهم على الهدايا من حلويات ونقود..
أخيراً يقول الشاعر علي القحطاني:
هديتك في العيد مني قصيدة
كتبتها من دم قلبي بقرطاس
الناس تطلع في الثياب الجديدة
وأنا ولا كني معيد مع الناس