عبد الرحمن بن محمد السدحان
أحسبُ جَدَلاً أنه قد قيلَ وكُتِبَ عن التنمية أكثر مما قاله (قَيسٌ) في فاتنته (ليْلى)! وقد سُئِل محدّثكم ذات يوم من ذات عام عن (التنمية): ما هي، وما الفرق بينها وبين التخلّف! رحتُ أخوض نوعًا من (العصف الذهني) في ذاكرتي مستعيدًا ما قيل أو كُتبَ عن التنمية.. هنا وهناك!
***
* والآن.. دعوني أخوض في لجة الحديث عن الموضوع، فأقول:
* أحسب أن بعض ما سأطرحه اليوم عن التنمية قد سبقني إليه (عكاشات) في الغرب والشرق سواء. ومن جهة أخرى، لِمَ لا يتواصل الحديث عن التنمية؟ فكلنا في همها، شرقٌ وغربٌ، وما دامت مفاهيمُ التنمية، سالفها وحديثها، لا تقوم كلُّها على أُسس ثابتة لا تنكر الجدل، فسيظل الحديث عنها موردًا عذبًا للجدل، بين الجميع. لأن التعبير عنها يظل في ظنّي المتواضع تجسيدًا لمواقف ومقولات تتقاسمها معارف الإنسان القديمة والجديدة. وأحسب أنّه لا بد أن يَستقرَّ في أذهاننا تعريف ثابت. ومرةً أخرى، يبرز لنا السؤال الملحّ: ما هي التنمية؟
***
* إذا جاز تعريف الشيء بضدّه، فإنه يمكن القول إن التنمية هي الوجه الآخر للتخلّف، فهما نقيضان لا يلتقيان. التخلف.. يعني القصور أو الإخفاق في بلوغ غاية مُثْلَى يبتغيها المرءُ أو الأمة، الجهل مثلاً.. يمثل حالةً من التخلّف أي الفشل في استيعاب المعرفة، والفقر يعني الفشل في إدراك قدر من المال يحفظ للمرء كرامة الوجه.
***
* إذن، فالتنمية في معناها الجامع والشامل، هي الانتقال من حال (أدنى) إلى حال (أفضل)، هي التحرك بمؤشِّر إيجابي نحو تحقيق المزيد من النفع، في ضروبه وغاياته.. للفرد أو الأمة سواء!
***
* وعندما نستهدي بما حوته أدبيات التنمية، نجد حشدًا هائلاً من الطروحات والاجتهادات. فالاقتصاديون.. يعرّفون التنمية بالتصاعد المتنامي في إنتاج السلع والخدمات، واستثمار الموارد المتاحة، طبيعية وغيرها، الاستثمار النافع، رغبةً في إدراك مردود أفضل للفرد والمجتمع.
***
* خلاصة القول إن التنمية في أي صعيدٍ تبدأ (بالإنسان) وإليه تنتهي. فهو غايتها، وهو وسيلتها، وكل خطوة تَستهدفُ نقلَ الإنسان إلى حال أفضل، علمًا وقدرةً، وتفكيرًا وإنتاجاً، فهي تنمية. وبمعنىً آخر: كل خطوة تمكّن الإنسان من بلوغ ما يريده الإرادة المشروعة، لخيره ومَنْ معه، فهي تنمية.